وُلِّي عمر فقال لهم
: إنّكم معشرَ أصحاب محمّد ، متى تختلفون يختلف الناس بعدكم ، والناس حديثو عهد
بالجاهليّة ، فأجمع رأيهم أنْ ينظروا آخر جنازةٍ كبَّر عليها النبيّ صلىاللهعليهوآله فيأخذون به ،
ويرفضون ما سواه ، فنظروا فوجدوا آخر ما كبّر أربعاً [١].
وقال الصنعاني في سبل السلام : وقد
اختلفت الروايات في عدّة تكبيرات الجنازة ، فأخرج البيهقي ، عن سعيد بن المسيّب :
أنّ عمر قال : كلّ ذلك قد كان ، أربعاً وخمساً ، فاجتمعنا على الأربع. ورواه ابن
المنذر من وجه آخر عن سعيد ، ورواه البيهقي أيضاً ، عن أبي وائل قال : كانوا
يكبّرون على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله
أربعاً ، وخمساً وستّاً ، وسبعاً ، فجمع عمر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأخبر كلٌّ بما
رأى ، فجمعهم عمر على أربع تكبيرات. وروى ابن عبد البرّ في الاستذكار بإسناده :
كان النبيّ صلىاللهعليهوآله
يكبّر على الجنائز أربعاً ، وخمساً ، وستاً ، وثمانياً ، حتّى جاء موت النجاشي ،
فخرج إلى المصلّى ، وصفّ الناس وراءه ، وكبّر عليه أربعاً ، ثمّ ثبت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، على أربع ، حتّى
توفاه الله؛ فإنْ صحّ هذا فكأنّ عمر ومن معه لم يعرفوا استقرار الأمر على الأربع ،
حتّى جمعهم وتشاوروا في ذلك [٢].
وقال الشوكاني في
نيل الأوطار ، في قوله « كان رسول اللَّه صلىاللهعليهوآله
يكبّرها » استدلّ به من قال : إنّ تكبير الجنازة خمس ، وقد حكاه في البحر عن
العترة جميعاً ، وأبي ذرّ ، وزيد بن أرقم ، وحذيفة ، وابن عبّاس ، ومحمّد بن
الحنفيّة ، وابن أبي ليلى ، وحكاه في المبسوط عن أبي يوسف [٣].