أدركوا أنّ هذه
الحياة الدنيا قصيرة وفانية ، وهي دار ممر ، مطيّة للمؤمن يسعى من خلالها للوصول
الى رضوان الله سبحانه وتعالى؛ لأنّ الله سوف يسألهم عن أعمالهم وتصرّفاتهم
وسلوكهم ، فهم دائما يبحثون عن الحقّ ، وإذا ما وجدوه فإنّهم يسارعون لاتّباعه
والاقتداء بهديه بصدق وإخلاص وإرادة حقيقيّة.
قال تعالى في سورة المائدة : ( وَإِذا
سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ
مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ
الشَّاهِدِينَ )[١].
وفئة عاشرة من الناس هي فئة المتذبذبين
الذين يتنقّلون بين كلّ ما ذكرنا من الفئات ، ولا يستقرّ لهم قرار ، تارة مع هؤلاء
وتارة مع أولئك ، يميلون مع الواقع حيث يميل ، ليس لهم شخصيّة واضحة ، بل في
الحقيقة شخصية ضعيفة ذليلة لا تملك موقفاً ، وربّما تتقلّب في الدقيقة الواحدة في
أكثر من موقف ، ولشدّة ضلالهم ليس لهم سبيل واضح ، وهم كما قال الله تعالى فيهم في
سورة النساء : ( مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ
وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً )[٢].
هذا بالإضافة إلى فئة المؤمنين الصادقين
الصابرين الذين عرفوا الله فعرفهم وصدقوا في حبّهم وإخلاصهم ، فأكرمهم الله تعالى
بمعرفة نبيّهم وأئمّتهم ، فاتّبعوهم بإرادة قويّة وعزيمة صادقة ، فأعزّهم الله
تعالى بكرامته لهم ، يوالون من والى الله تعالى ونبيه والأئمّة المعصومين ، ويعادون
أعداءهم ، فهم تحت الأمر الإلهي يتوجّهون إلى حيث يوجههم بصدق وثبات وعزّة منيعة ،
فلله العزّة ولرسوله وللمؤمنين.