والقضيّة في الحقيقة هي أنّهم أنكروا
العصمة لمن قرّر الشارع المقدّس أنّه معصوم ، وأوجبوها لمن هو غير معصوم ، وحتّى
لو ادّعوا أنّهم يرفعون العصمة عن أئمّتهم فهو ادّعاء باطل ، فأقوالهم وأفعالهم
تقرّر لشيوخهم وأئمّتهم العصمة المطلقة ، وتجدهم يتّهمون رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقولون نسي وأخطأ
وسحر وغير ذلك من التهم التي ذكرنا قسما كبيراً منها في بداية الكتاب ، ولكنّهم
يعتقدون أنّه لا يجوز الطعن في عصمة الصحابة ، وجعلوا بعضهم أفضل من رسول الله ،
وأوصلوا بعضهم إلى مرتبة الأنبياء ، كما لم يُجوزوا البحث في هذا الموضوع ، وكلّ
من يقترب منه فإنّهم يتّهمونه بالرفض ، وربّما الكفر في كثير من الأحيان ، وفي ذات
الوقت يتّهمون من يلتزم بالنصّ الشرعيّ ويعتقد بعصمة من عصمه الله تعالى ،
يتّهمونه بالغلو ، هذا هو الواقع ، فلقد انقلبت الحقيقة.
ولأنّ الله تعالى يعلم أنّ الناس سوف
يختلفون في موضوع العصمة والطاعة بعد رسوله محمّد صلىاللهعليهوآله
، ولأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله
يعلم ذلك ، فقد شدّد الله تعالى وبين رسوله في عشرات الآيات والأحاديث ، مَنْ تجب
طاعته بعد رسول الله ، ومن هو المعصوم ، وكذلك شدّد الشارع المقدّس على أنّ الأمّة
سوف تخالف النصّ ، وتبتلى بأهل البيت عليهمالسلام
، فمن كان معهم واتّخذهم أئمّة ووالاهم نجا ، ومن فارقهم واقتدى بغيرهم ولم يوالهم
ضلّ وهلك.
روى الطبراني والسيوطي عن خالد بن عرفطة
يوم قتل الحسين عليهالسلام
قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله
يقول : إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي [١].
بعد كلّ ذلك أقول : إنّ ما عليه شيعة
أمير المؤمنين عليهالسلام
من الاعتقاد بعصمة
[١] المعجم الكبير ٤
: ١٩٢ ، الجامع الصغير ١ : ٣٨٨ ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ١٩٤ وقال :
رجال الطبراني رجال الصحيح ، غير عمارة ، وعمارة وثقه ابن حبّان.