أعلى منزلة في
الحياة يفترضون أنّه مانع وجُنّة للناس يوجههم ويرشدهم ويحذّرهم ، فالنظرة
الفطريّة الطبيعيّة أنّه معصوم في نفسه ، وعاصم لهم من الوقوع في المحظورات ،
وعاصم لهم من النوائب والشدائد ، كالطفل عندما يرى الخطر ، فإنّه بمعرفته الفطريّة
يلجأ إلى الاختباء في أحضان والده ويلجأ إليه ، حيث إنّه ومن نظرة الطفل الفطريّة
معصوم وعاصم.
ولأجل هذا المعنى للعصمة ، قال رسول
الله صلىاللهعليهوآله
: إنّما الإمام جنّة ، يقاتل من ورائه ويتّقى به [١]. قال السندي في شرحه على سنن النسائي :
قوله جُنّة : أي كالترس ، قال القرطبي : أي يقتدى برأيه ونظره في الأمور العظام
والوقائع الخطيرة ، ولا يتقدّم على رأيه ، ولا ينفرد دونه بأمر ... ، ويتّقى به : أي يعتصم برأيه ، أويُلتجأ إليه [٢].
وتختلف دوائر العصمة ودرجاتها في
المخلوقات عامّة ، فكلّما تدرّجنا في المستوى الخلقي والخُلُقي والنفسي والإنساني
والإسلامي والإيماني والإحساني ، فإنّها تزداد رفعة وتكاملا ، ويتّسع معناها شمولا
واستيعابا بحيث إنّها تصل في النهاية عند الأوصياء والأنبياء إلى درجة العصمة
المتكاملة الشاملة والتي تشمل العصمة في التشريع وغير التشريع بل في عموم شؤون
الحياة.
وهذا الواقع هو
المشاهد عند كلّ المخلوقات ، وهو ما يدلّ عليه العقل ويُستدلّ على صحّته من خلال
النصوص الشرعيّة عند كلّ طوائف المسلمين ، بل إنّ كلّ المجتمعات الإنسانية تنشد
العصمة في كل جوانب الحياة ، فالرؤية الطبيعيّة للإنسان الكامل أنْ يقيّد نفسه
بقيود متعدّدة بحيث يكون المقصود
[١] صحيح البخاري ٤
: ٨ ، صحيح مسلم ٦ : ١٧ ، سنن النسائي ٧ : ١٥٥.