والأصل أنْ يتفكّر الناس ويعتبروا من
تلك الظاهرة ، وأنْ تكون سبباً لإعادة النظر في التاريخ ، والبحث عن مظلوميّات أهل
البيت ، وسبب حبّ الشيعة لهم ، بدلاً من الطعن وكيل التهم ضدّ أتباع وأحباب أهل
البيت عليهم الصلاة والسلام.
في الحقيقة ، فإنّ
دموع أولئك الجاحدون المبغضون لأهل البيت وأتباعهم قد جمدت ، ولم ترقّ قلوبهم
لرسول الله وأهل بيته سلام الله تعالى عليهم ، ولقد وصل الحدّ عند بعضهم بتفسير
حالة البكاء عند الشيعة بأنّها تعبير عن الندم على التفريط في الحسين وعدم نصرته ،
فهم يبكون الحسين عليهالسلام
ندماً على ذلك ، هذا ما يدّعيه البعض من أولئك ، وأذكر أنّني كنت مرّة في زيارة
لمسجد رسول الله ومرقده الشريف مع إخوة لي من المؤمنين ، وكان معنا وللأسف أحد
أولئك الذين جمدت دموعهم ولم ترقّ قلوبهم ، وقد انتابتنا حالة روحانيّة جعلتنا
نبكي كثيراً ، ماعدا ذلك الشخص الذي جعل يبرّر عدم بكائه بقوله : إنْ البكاء في
مثل هذه الأماكن يدلّ على كثرة الذنوب ، وإنّ غير المذنب لا يبكي ، وجفاف دموعه
وعدم بكائه تدلّ على قوّة إيمانه وانعدام ذنوبه. هكذا يبصرون ويحكمون ، وإنْ دلّ
ذلك على شيء فإنّما يدلّ على قلّة اطّلاعهم وعدم فهمهم لماهيّة البكاء ومعناه ومدى
أثره على النفس ، ودلالته على حبّ الله تعالى والقرب منه ، خصوصاً إذا كان البكاء
على أحباب الله.
فالبكاء وذرف الدموع حالة طبيعيّة تحصل
عند الإنسان السويّ نتيجة لاتحاد ظاهر الإنسان مع باطنه في لحظة خشوع أو تعظيم أو
تفكّر وتذكّر.
ولأنّ هذه الحالة إذا كانت نتيجة حضور
قلبيّ مشروع ، فإنّها تبشّر بقرب من الله تعالى فريد من نوعه لا يحصل مع غيرها من
الحالات ، فقد أعدّ الله سبحانه وتعالى الثواب الجزيل لأولئك البكّائين خشوعاً أو
خشية أو تذكّراً