تفكيراً جامداً ، ومن
مشاعره مشاعر العصبيّة النتنة المنفصلة تماماً عن العقل والفكر.
إنّ المستبصر الذي يبصر حقيقة أهل البيت
عليهمالسلام
وأحقيّتهم في الولاية والإمامة ، ويبصر عشرات الحقائق ومن خلال ما عند العامّة من
مصادر تاريخيّة ، ومن خلال الأحاديث وكتب السير الممتلئة بالحقائق المغيّبة ، يظنّ
أنّه يستطيع أنْ يبيّن كلّ الحقيقة للناس والمجتمع ، فكما سهّل الله له معرفة
الحقيقة ووفّقه لها ، من خلال وضوحها وتجليها الذي لا يمكن أنْ يخفى على أحد ، ومن
خلال موافقتها للعقل والفطرة ، وتوافقها مع الإرادة الإلهيّة والأوامر النبويّة ، يظن
أنّ طرح الحقيقة للناس والمجتمع ، سوف يؤدي إلى أنْ يخضع الناس لتلك الإرادة
الإلهيّة ، والأوامر النبويّة الشريفة ، فيقوم وبشكل اندفاعي كبير وتهوّر شديد في
أغلب الأحيان بطرح الحقيقة بعنف شديد ، فيؤدّي ذلك إلى ردّات فعل عكسيّة شديدة ، والتي
تكون قاسية جدّاً عليه ولا يتوقعها من إخوانه في الإسلام ، فكلّ ما يريده ، هو
تقديم الحقيقة لهم رجاء تبصيرهم بها ، والأخذ بأيديهم إلى الصراط المستقيم ، وإلى
برّ الأمان والهدى ، وتجنيبهم مهاوي الضلال والزلل.
من هنا تبدأ نقطة الاصطدام بشكل غير
مُتوّقع مع المجتمع والناس ، ومع العادات والتقاليد ، ومع ما ألفه الناس وجمدوا
عليه من أفكار وعقائد ، وكذلك مع عقليات ونفسيات لم يكن يظن أنّها موجودة في
الأفراد ، من عقول متحجّرة ، ونفسيات مريضة ، وحسّاد وذوي ضغائن ( فطروا أنفسهم
عليها ) وأهل الدنيا ، والمتكبرين والمرائين ، والمكفّرين ، وندرة نادرة جدّاً من
أهل العقول السليمة والمشاعر الصادقة النبيلة.