بحصولها مع رسول
الله صلىاللهعليهوآله
ـ وحاشاه من ذلك ـ فَتَظْهَرُ أفعالهم مبرّرة ولا تعتبر في حقّهم منقصة ، بل إنّها
تتحوّل إلى فضائل لهم ، فكما ترى ، فإنّ مصنفي الحديث كانوا يَصنّفونها في كتبهم
تحت كتاب فضائل الصحابة ، وسوف ترى في البحث كيف أنّ جنابة أبي هريرة صارت أمراً
طبيعيّاً بعد الاستشهاد بحادثة حصلت مع رسول الله على شاكلتها ، وكذلك بقيّة
القضايا كالسهو عن الصلاة وعدم الاهتمام بها.
وإليك حادثة أخرى سهى فيها بعض الصحابة
عن صلاتهم ، فحتّى يكون السهو طبيعيّاً ومبرّراً أضافوا السهو إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب
مواقيت الصلاة ، باب من صلّى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت ، عن جابر بن عبد الله :
« أنّ عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس ، فجعل يسبّ كفّار قريش ،
قال : يا رسول الله ، ما كدت أصلّي العصر ، حتّى كادت الشمس تغرب ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « والله ما
صليتها ». فقمنا إلى بطحان ، فتوضأ للصلاة وتوضّأنا لها ، فصلّى العصر بعدما غربت
الشمس ، ثمّ صلّى بعدها المغرب ». ورواه البخاري في صحيحه في أكثر من موضع في كتاب
الأذان باب قول الرجل ما صلّينا ، وفي أبواب صلاة الخوف وفي كتاب المغازي باب غزوة
الخندق ، ورواه مسلم وغيرهما كثير [١].
يقول النووي في شرح صحيح مسلم : « وإنَّما
حلف النَّبيُّ صلىاللهعليهوآله
تطييباً لقلب عمر فإنَّه شقَّ عليه تأخير العصر إلى قريب من المغرب ، فأخبره
النَّبيُّ صلىاللهعليهوآله
أنَّه لم يصلِّها بعد ، ليكون لعمر به أسوة ، ولا يشقَّ عليه ما جرى وتطيب نفسه ،
[١] أنظر صحيح
البخاري ١ : ١٤٧ ، ١٥٧ ، ٢٢٧ ، ٥ : ٤٩ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٣ ، سنن النسائي ٣ : ٨٤ ـ
٨٥ ، سنن الترمذي ١ : ١١٦.