أنّ يتوصل إليه من
خلال نظرة سطحيّة ومبسّطة في كتاب صحيح البخاري مثلاً ، ولن يصدّق ما سيرى من
تعبير واضح عن شخصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله
عندهم ، وكيفيّة معاملة الصحابة له ، وكيفيّة إلصاق التهم التي لا تليق بشخصه
الكريم ، وهذا ما سأبيّنه بعد قليل ، ولقد دوّنت في كتابي سبيل المستبصرين العديد
من الروايات الموجودة في أصحّ الكتب عندهم ، ولا مانع هنا أنْ نُذكّر ببعضها أو
أنْ نضيف شيئاً جديداً عليها.
فقد تقدّم معنا كيف جعلوا رسول الله صلىاللهعليهوآله يريد أنْ ينتحر مع
أنه يعرف حرمة ذلك الفعل ، وجعلوه مسحوراً ، وجعلوه لا يعرف الوحي ، وجعلوه يتوفّى
من غير أن يجمع كتاب الله تعالى ، وجعلوه يسهو في صلاته ، وجعلوه يُصلّى وهو جنب ،
وجعلوه لا يهتمّ بنسائه ، وجعلوا منه شخصاً شهوانيّا ، وجعلوه لا يهتمّ بالقرآن
ويسهو عن حفظ آياته ، وجعلوه يشرب النبيذ ، وجعلوه لا يهتمّ بجيشه وتموينهم
الغذائي والعسكري ، وجعلوه يطوف بالبيت وهو عريان ، وجعلوه يسجد للأصنام ، وجعلوه
يقرّب الغنيّ ويبّعد الفقير ، وجعلوه لا يصبر عن نسائه حتّى في فترة الحيض ،
وجعلوه لا يهتم بستر نسائه ، وجعلوه يبول على مرأى من الناس ولا يستر عورته أمامهم
، وجعلوه يجتهد ويخطئ ، وادّعوا بأنّه توفي ولم يوص لعليّ بن أبي طالب بعد وفاته ،
وأحرقوا حديثه الشريف بعد وفاته ومنعوا من تدوين سنّته ، وظلموا وآذوا أهل بيته
أثناء حياته وبعدها ، بل إنّهم تعرّضوا لأذيّته شخصيّاً وحاولوا عدّة مرّات قتله ،
ثمّ بعد عدّة قرون وعندما جمعوا أحاديثه قبلوا فيها المتناقضات ، فبينما تجد
حديثاً يأمر بأمر ما ، تجد في نفس الصفحة ما يخالفه ، واعتبروا كلّ المتناقضات
أنّها منه وهو منها براء ، ثمّ بعد ذلك تركوا قوله وفعله وتقريره واتّبعوا غيره في
عشرات المسائل ، ولا زالوا يعتبرون أولئك الأشخاص فوق النبيّ وأولى منه بالاتباع
والاقتداء ،