ذاته ومبدؤه يسمى
عقلا ، ومن حيث أنه واسطة في صدور سائر الموجودات ونقوش العلوم يسمى قلما ، ومن
حيث توسطه في إفاضة أنوار النبوة ومن حيث أن الكمالات المحمدية من أثر نور سيد
الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم من حيث أنه سبب لحياته يسمى روحا ... » [١].
وقال أيضا :
« وفي شواهد
النبوة : إن نبينا صلّى الله عليه وسلّم وإن كان آخر الأنبياء في عالم الشهادة
لكنه أوّلهم في عالم الغيب ، قال
عليه الصلاة والسلام : كنت نبيا وآدم بين
الماء والطين.
بيانه : إن الله
تعالى في أزل الآزال كان الله ولا شيء معه ، فجميع الشئون من غير امتياز من بعض ،
وصورة معلومية ذلك الشأن تسمى تعينا أولا وحقيقة محمّدية ، وحقائق سائر الموجودات
كلها أجزاء وتفاصيل ، فتلك الحقيقة والتجليات التي وقعت بصورها في الغيب إنما نشأت
وانبعثت من التجلي بصور تلك الحقيقة ، والصورة الوجودية لتلك الحقيقة أولا في
مرتبة الأرواح كانت جوهرا مجردا عبّر عنه الشارع صلّى الله عليه وسلّم تارة بالعقل
، وتارة بالقلم ، وتارة بالنور ، وتارة بالروح ، حيث قال
صلّى الله عليه وسلّم : أول ما خلق الله
العقل ، وأول ما خلق الله القلم ، وأول ما خلق الله روحي أو نوري ، ولا شك أن اختلاف العبارات رتبي ، إذ مرتبة الأولية حقيقة
لا تصلح لغير شيء واحد ، والصورة الوجودية لتلك الحقيقة مرتبة بعد مرتبة ، حتى
انتقلت إلى الصورة الجسمانية العنصرية الإنسانية التي أول أفرادها آدم ، فهو وسائر
الأنبياء ما لم يظهروا بصورة جسمانية عنصرية في الشهادة لم يوصفوا بالنبوة ، بخلاف
نبينا صلّى الله عليه وسلّم فإنه لما وجد بوجود روحاني بشره وأعلمه بالنبوة بالفعل
، وفي كلّ الشرائع أعطي الحكم له ، لكن بأيدي الأنبياء والرسل الذين كانوا نوابه ،
كما أن عليا ومعاذ بن