نام کتاب : موسوعة الأسئلة العقائديّة نویسنده : مركز الأبحاث العقائدية جلد : 3 صفحه : 488
ج : لابدّ من معرفة معنى الآية والمقصود
منها ، لتتّضح لنا جوانب الشبهة وإمكانية حلّها.
إنّ الآية الكريمة في صدد الإخبار عن
الذين تهوّدوا ، وقالوا نحن أحباء الله وأولياؤه ، فأراد القرآن ردّ هذه الدعوى
وتكذيبها ، فقال على سبيل التعجيز : ( فَتَمَنَّوُاْ
الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )
، ثمّ أجاب في نفس السورة ( وَلاَ
يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ )[١]
، لأنّ ما ارتكبوه من مخالفةٍ لأوامره تعالى ، وعدائهم لرسل الله تيقّنوا من
أنفسهم بسوء مصيرهم ، وسوء منقلبهم كذلك ، ولذا فهم لا يتمنّون الموت ، ولا
يتمنّون لقاءه تعالى.
أمّا الفرق المنحرفة المبغضة لأمير
المؤمنين عليهالسلام
، فإنّ اندفاعهم للموت لم يكن مشروعاً وحقّاً ، وذلك لأنّ اعتقادهم الباطل يدفعهم
إلى الموت بدافع العناد ، وليس الإيمان الحقّ لقضيّتهم وهدفهم واعتقادهم ، وهناك
فرق بين من يتمنّى الموت بدافع الحقّ ، وبين من يتمنّى الموت بدافع العناد والجهل.
ألا ترى من اندفاع بعض الكفّار الذين لا
يعتنقون الإسلام ـ بل لعلّهم لا يؤمنون بالله تعالى ـ يندفعون إلى الموت لتحقيق
غاياتهم وأهدافهم ، كالذي يقوم بعمليةٍ انتحارية لدافع دنيوي لانتسابه إلى منظّمة
سياسية مثلاً ، أو كالذين قرّروا الانتحار الجماعي في نهاية القرن الميلادي
العشرين ، بدعوى انتهاء العالم ، فهل تحسب هؤلاء اندفعوا للموت لقناعتهم في لقاء
الله تعالى؟
وهكذا حال الخوارج ومن ماثلهم من الفرق
، فإنّ اندفاعهم للموت لا يكون إلاّ عن عنادٍ وجهل ، وليس بدافع الحبّ الإلهيّ
المحض ، ولا عليكم في دعاويهم ، بل عليك بواقع الحال ، وما يقتضيه الإيمان بالله
تعالى ، وما تتطلّبه شروط الشهادة من أجله تعالى.