بالنهي عنه من
أُولئك يراه تنزيهاً لا تحريماً ، ويقول بالكراهة مستنداً إلى زعم أنّ الدنوّ من
القبر الشريف يخالف حسن الأدب ، ويحسب أنّ البعد منه أليق به ، وليس من شأن الفقيه
أن يفتي في دين الله بمثل هذه الاعتبارات التي لا تبنى على أساس ، وتختلف باختلاف
الأنظار والآراء.
نعم ، هناك أُناس شذّوا عن شرعة الحقّ
وحكموا بالحرمة ، قولاً بلا دليل ، وتحكّماً بلا برهان ، ورأياً بلا بيّنة ، وهم
معروفون في الملأ بالشذوذ ، لا يعبأ بهم وبآرائهم.
ونحن نذكر لكم بعض الصحابة الذين
تبرّكوا بقبر رسول الله صلىاللهعليهوآله
لتقفوا على الحقيقة.
١ ـ عن الإمام علي عليهالسلام قال : ( لما رمس
رسول الله صلىاللهعليهوآله
جاءت فاطمة عليهاالسلام
فوقفت على قبره صلىاللهعليهوآله
، وأخذت قبضة من تراب القبر ، ووضعته على عينها ، وبكت وأنشأت تقول :
٢ ـ عن أبي الدرداء قال : ( إنّ بلالاً ـ مؤذّن النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ رأى في منامه
رسول الله صلىاللهعليهوآله
وهو يقول : ( ما هذه الجفوة يا بلال؟ أما آن لك أن تزورني يا بلال )؟ فانتبه
حزيناً وجلاً خائفاً ، فركب راحلته وقصد المدينة ، فأتى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله فجعل يبكي عنده ،
ويمرّغ وجهه عليه ، فأقبل الحسن والحسين عليهماالسلام
فجعل يضمّهما ويقبّلهما ... ) [٢].