قال القاري : ( والمراد بالأخذ بهم
التمسّك بمحبّتهم ، ومحافظة حرمتهم ، والعمل بروايتهم ، والاعتماد على مقالتهم ) [٣].
وقال الخفاجي : ( ما أن أخذتم به ) أي :
تمسّكتم وعملتم به واتبعتموه [٤]
، فإذن الأخذ هو الاتّباع.
وفي الحديث الذي صحّحه الحاكم في
المستدرك ، وتابعه الذهبيّ عليه ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآله
: ( إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وأهل بيتي ، وأنّهما لن يتفرّقا حتّى
يردا عليّ الحوض ) [٥].
وفقه هذا الحديث ودلالته واضحة لمن له
أدنى مسكة علم ، وتعرّف على علوم القرآن والعربية ، فعدم الافتراق عن القرآن يعني
تمام طاعة أهل البيت عليهمالسلام
لله تعالى ، وهو دليل العصمة ، وعلامة الهداية ، إذ أنّ باقتراف المعاصي ـ ولو
للحظة واحدة ـ يتحقّق الافتراق لغة ، وقد أخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله بعدمه ، كما في هذا
الحديث الصحيح ، الأمر الذي يدلّ على كمال طاعتهم لله سبحانه ، وأنّهم أئمّة الهدى
الواجب اتباعهم ، كما نصّ عليه القرآن بقوله : ( أَفَمَن يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى
فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )[٦].
وأمّا قوله صلىاللهعليهوآله : ( حتّى يردا عليّ
الحوض ) فهو دليل على وجود من يكون أهلاً للتمسّك به منهم في كلّ زمان إلى يوم
القيامة ، وهذا المعنى الذي فهمناه من الحديث فهمه العلماء الأعلام من أهل السنّة
، وشرّاح الأحاديث النبويّة.