نام کتاب : موسوعة الأسئلة العقائديّة نویسنده : مركز الأبحاث العقائدية جلد : 3 صفحه : 234
وأمّا ما ينسبه القرآن إليه تعالى من
الإضلال والخدعة والمكر ، والإمداد في الطغيان ، وتسليط الشيطان وتوليته على
الإنسان ، وتقييض القرين ونظائر ذلك ، جميعها منسوبة إليه تعالى على ما يلائم ساحة
قدسه ، ونزاهته عن ألوان النقص والقبح المنكر والظلم.
ولا يمكن نسبة الإضلال إليه بالمعنى
الذي ننسبه إلى البشر ، فلا ينسب إليه الإضلال الابتدائي من دون سبق عمل شيء ، ولا
الإضلال على سبيل الإغفال والإيقاع في الضلال ، فإنّه غير لائق بجنابه ، وبعيد عن
ساحته.
والقرآن في هذا المجال يفسّر بعضه بعضاً
: قال تعالى : ( فَلَمَّا زَاغوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ )[١]
، وقال : ( كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ
مُّرْتَابٌ )[٢].
وإذا اتّضح ذلك ، فانّ أفعال العباد لها
انتسابان : انتساب إلى الفاعل باعتبار اختياره ، وهو الانتساب الفعلي ، وانتساب
إلى الخالق باعتبار أنّه الموجد والمكوّن ، وهو الانتساب الوجودي.
والعبد عندما يقدم بملء إرادته على كسر
زجاجة ، كان قادراً على ترك ذلك الفعل ، لكنّه عندما أراده وأقدم عليه كان تحقّق
الانكسار متوقّفاً على إذن الله التكوينيّ لا التشريعيّ ، فإنّه ربما كان محرّماً
، وكذلك حركة العبد تتوقّف على إذن الله التكوينيّ ، وأقدار العبد ليكون قادراً
على الفعل.
ومنه يتّضح : أنّ هداية الله على نحوين
: هداية بمعنى الإرشاد والتعليم ( وَهَدَيْنَاهُ
النَّجْدَيْنِ )[٣] ، وهي مهمّة
الأنبياء والعقل والفطرة.
وهداية تكوينيّة ، بمعنى تحقّق المتابعة
للهدى ، وصيرورة الإنسان مهتدياً ، وهذه متأخّرة مرتبة عن تلك ، وهذه تتوقّف على
إرادة العبد واختياره ، فإذا اهتدى هداه الله ، ومنه قوله تعالى : ( اهدِنَا
الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ )
بعد تقدّم