ولتوضيح الحقيقة نقول : كما قلنا فإنّ
معنى البداء في اللغة هو : الظهور بعد الخفاء ، والدليل عليه بعض الآيات المباركة
من قبيل :
١ ـ قوله تعالى : ( وَبَدَا
لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا )[١] أي ظهر لهم
ما كان خافياً عليهم من سيئات ما كسبوا.
٢ ـ قوله تعالى : ( ثُمَّ
بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ )[٢].
وهذا المعنى من البداء يحصل للإنسان فقط
، ولا يحصل في حقّ الله عزّ وجلّ ، لأنّه يلزم الجهل عليه ، وقد اتفقت الشيعة
الإمامية على أنّه تعالى لا يجهل شيئاً ، بل هو عالم بالحوادث كلّها ، غابرها
وحاضرها ومستقبلها ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، فلا يتصوّر فيه
الظهور بعد الخفاء ، ولا العلم بعد الجهل ، بل الأشياء دقيقها وجليلها حاضرة لديه.
ويدلّ على ذلك قوله تعالى : ( إِنَّ
اللهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء )[٣]
، وقول أمير المؤمنين عليهالسلام
: ( كلّ سرّ
عندك علانية ، وكلّ غيب عندك شهادة
) [٤] ، مضافاً
إلى البراهين العقلية المقرّرة في محلّها.
وأمّا البداء في الاصطلاح فيمكن نسبته
إلى الله تعالى ، ولا يلزم منه الجهل ، فعندما يقال : بدا لله تعالى بمعنى أظهر ما
كان خافياً على الناس لا خافياً عليه ، لأنّ الآيات والأحاديث دلّت على أنّ مصير
العباد يتغيّر بحسب أفعالهم وصلاح أعمالهم ، من الصدقة ، والإحسان ، وصلة الأرحام
، وبرّ الوالدين ، والاستغفار والتوبة ، وشكر النعمة ، وأداء حقّها ، إلى غير ذلك
من الأُمور التي تغيّر المصير وتبدّل القضاء ، وتفرّج الهموم والغموم ، وتزيد في