الاجتناب فيما نحن فيه ؛ لأنّ حكم العقل بوجوب دفع الضرر ولو في صورة الشكّ ممّا لا يعارضه شيء ، فأكل الفاكهة وشمّ الورد وإن اشتمل على أمارة المنفعة وخلا عن أمارة المفسدة ، إلاّ أنّه ليس عدم الضرر به في الدنيا مقطوعا به والعقل مستقلّ بوجوب الاجتناب ، وحيث إنّه لا شرع كما هو المأخوذ في العنوان ـ أي عنوان المسألة ـ فلا تعارض أيضا.
ثمّ إنّ المراد من قولهم : « قبل الشرع » ـ بعد ما عرفت من أنّ الكلام في حكم العقل ـ ظاهر ، يعنون به قبل ملاحظة الشرع ، فلا حاجة إلى بعض التطويلات الواقعة في كلام جملة منهم في المقام.
تذنيب
قد ذكر المحقّق القمّي في آخر المبحث كلاما طويلا [١] مرجعه إلى أنّ اعتبار أصالة الإباحة على القول بها في أمثال زماننا الذي قد كشف الشارع الحكيم عن حال جملة من الأشياء المشتملة على أمارة المنفعة الخالية عن أمارة المضرّة [٢] ـ كشرب الفقّاع واستماع الغناء وأمثال ذلك ـ ظنّي فالقول بحجّيّتها موقوف على اعتبار الظنّ واستقلال العقل بحجّيّته. وفرّع عليه الحكم بكونها من المستقلاّت العقليّة ، وعلى ذلك بنى الأمر في الردّ على الفاضل التوني والسيّد الشارح ـ رضوان الله عليهما ـ حيث حكم الأوّل : بأنّ النزاع في الملازمة قليل الجدوى بل عديمها ، إذ ما من مورد لحكم العقل إلاّ وقد ورد من الشارع فيه آثار كثيرة