والحقّ أنّ مقالة القائل بالمفهوم مطابقة للأصل سواء كان نفس الحكم المذكور في المنطوق مخالفا للأصل كما إذا كان مثل الوجوب والحرمة ، أو مطابقا كالإباحة.
أمّا في الأوّل : فظاهر ، لأصالة عدمه في غير مورد اليقين ، وأصالة براءة الذمّة عن الشواغل الشرعيّة عند عدم ما يدلّ عليها.
وأمّا في الثاني : فلأنّ تعليل الإباحة وتعليقها على الشرط يشعر بأنّ تلك الإباحة الثابتة في المنطوق ليست إباحة مطابقة للأصل ، وإلاّ لم يحتج إلى التعليل بالعلّة المذكورة. ولا شكّ أنّ هذه الإباحة عند الشكّ فيها محكومة بالعدم. وليس ذلك قولا بالمفهوم ، كما هو ظاهر. وذلك نظير ما قيل [١] : من أنّ قوله « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » [٢] يفيد أنّ الأصل في الماء انفعاله بالملاقاة ، فإنّ تعليق عدمه بالكرّية يفيد ذلك بحسب الأصل ، وهو ظاهر.
ثم إنّ القول بالمفهوم هو المشهور على ما نسبه جماعة [٣]. وذهب السيّد [٤] من أصحابنا إلى عدمه ، واختاره بعض المتأخّرين أيضا ، كالشيخ الجليل الحر العاملي رحمهالله[٥]. والحقّ ـ كما أشرنا إليه ـ هو الأوّل.
لنا : قضاء صريح العرف بذلك ، فإنّ المنساق إلى الأذهان الخالية من الجمل الشرطية هو التعليق على وجه ينتفي الحكم بانتفاء الشرط ، وكفانا بذلك دليلا
[١] لم نعثر عليه بعينه ، نعم في القوانين ( ١ : ٤٢٦ ) ما يفيد هذا المعنى. [٢] الوسائل ١ : ١١٧ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الأحاديث ١ ، ٢ و ٦. [٣] انظر مناهج الأحكام : ١٢٨ ، ومفاتيح الأصول : ٢٠٧. [٤] الذريعة ١ : ٤٠٦. [٥] الفوائد الطوسيّة : ٢٧٩.