الأقوى ـ وفاقا لجمع كثير من أصحابنا ومخالفينا ـ أنّه لا مفهوم في العدد ، بل وادّعى بعضهم وفاق أصحابنا فيه [١]. وحكي القول بالإثبات مطلقا [٢] ، ولم نعرف قائله. وفصّل جماعة منهم الآمدي في ذلك ، فقال ـ على ما حكي عنه ـ : إنّ الحكم إذا قيّد بعدد مخصوص ، فمنه ما يدلّ على ثبوت ذلك الحكم فيما زاد على ذلك العدد بطريق أولى كما لو حرم الله جلد الزاني بمائة ، وقال : « إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا » ومنه ما لا يدلّ على ثبوت الحكم فيما زاد عليه بطريق أولى ، وذلك كما إذا أوجب جلد الزاني بمائة أو أباحه ، فإنّه مسكوت عنه ، مختلف في دلالته على نفي الوجوب والإباحة فيما زاد ، متّفق على أنّ حكم ما نقص كحكم المائة لدخوله تحتها لكن يمنع الاقتصار [٣]. فاختار في الأوّل الدلالة وفي الثاني العدم.
وفصّل بعضهم [٤] بين ما وقع جوابا عن المقيّد كأن يقول : « نعم » في جواب هل اجلد الزاني ثمانين؟ فلا يفيد ؛ لظهور كون الفائدة فيه غير المفهوم ، وبين ما إذا وقع جوابا عن المطلق فمع عدم ظهور فائدة غير المفهوم فانّه لا بدّ من حمله على المفهوم ، لئلاّ يلزم العراء عنها.
[١] ادّعاه المحقّق الكلباسي في الإشارات ، الورقة : ٣٥٤. [٢] حكاه المحقّق النراقي في المناهج : ١٣١ ، بلفظ : وقيل حجة مطلقا. [٣] الإحكام في اصول الأحكام ٣ : ١٠٣. [٤] نسبه المحقّق الكلباسي في الإشارات إلى بعض الأواخر.