ابن عمر قلنا : يا
رسول الله إن الإيمان يزيد وينقص؟ قال : نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة وينقص حتى
يدخل صاحبه النار.
وأجيب بوجوه :
الأول : أن المراد الزيادة بحسب الدوام والثبات وكثرة الأزمان والساعات وهذا ما
قال إمام الحرمين : النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يفضل من عداه باستمرار تصديقه وعصمة الله إياه من مخامرة
الشكوك ، والتصديق عرض لا يبقى ، فيقع للنبي متواليا ولغيره على الفترات ، فثبت
للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أعداد من الإيمان لا يثبت لغيره إلا بعضها ، فيكون إيمانه
أكثر ، والزيادة بهذا المعنى مما لا نزاع فيه.
وما يقال : من أن
حصول المثل بعد انعدام الشيء لا يكون زيادة ، مدفوع بأن المراد زيادة إعداد حصلت
وعدم البقاء لا ينافي ذلك.
الثاني : أن
المراد الزيادة بحسب زيادة المؤمن به ، والصحابة كانوا آمنوا في الجملة وكان يأتي
فرض بعد فرض ، وكانوا يؤمنون بكل فرض خاص ، وحاصله أن الإيمان واجب إجمالا فيما
علم إجمالا وتفصيلا فيما علم تفصيلا ، والناس متفاوتون في ملاحظة التفاصيل كثرة
وقلة ، فيتفاوت إيمانهم زيادة ونقصانا ولا يختص ذلك بعصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما يتوهم.
الثالث : أن
المراد زيادة ثمرته وإشراق نوره في القلب فإنه يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ،
وهذا مما لا خفاء فيه ، وهذه الوجوه جيدة في التأويل لو ثبت لهم أن التصديق في
نفسه لا يقبل التفاوت والكلام فيه ، انتهى.
والحق أن الإيمان
يقبل الزيادة والنقصان ، سواء كانت الأعمال أجزاءه أو شرائطه أو آثاره الدالة عليه
، فإن التصديق القلبي بأي معنى فسر لا ريب أنه يزيد ، وكلما ازدادت آثاره على
الأعضاء والجوارح فهي كثرة وقلة تدل على مراتب الإيمان زيادة ونقصانا ، وكل منهما
يتفرع على الآخر ، فإن كل مرتبة من مراتب الإيمان يصير سببا لقدر من الأعمال
يناسبها ، فإذا أتى بها قوي الإيمان
نام کتاب : مرآة العقول نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 7 صفحه : 260