وقال النيسابوري :
إن كان السجود بمعنى وضع الجبهة فذلك ظاهر في المؤمنين لأنهم يسجدون له طوعا أي
بسهولة ونشاط ، وكرها أي على تعب واصطبار ومجاهدة ، وأما في حق الكافرين فمشكل
وتوجيهه أن يقال : المراد حق له أن يسجد لأجله جميع المكلفين من الملائكة والثقلين
فعبر عن الوجوب بالوقوع وإن كان بمعنى الانقياد ، والخضوع ، والاعتراف بالإلهية ،
وترك الامتناع عن نفوذ مشية فيهم فلا إشكال
نظيره قوله : « وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » وأما قوله «
وَظِلالُهُمْ » فقد قال جمع من
المفسرين كمجاهد ، والزجاج ، وابن الأنباري لا بعد في أن يخلق الله للظلال أفهاما
تسجد بها الله وتخضع له كما جعل للجبال أفهاما حتى اشتغلت بتسبيحة ، وظل المؤمن
يسجد لله طوعا ، وهو طائع وظل الكافر يسجد لغير الله كرها ويسجد لله طوعا ، وقال
آخرون : المراد بسجود الظلال تقلصها وامتدادها حسب ارتفاع الشمس وانحطاطها ، فهي منقادة
مستسلمة لما أتاح الله لها في الأحوال ، وتخصيص الغدو والآصال بالذكر لغاية ظهورها
وازديادها في الوقتين ، وقال : في التأويل ولله يسجد من في السماوات والأرض
والملائكة بين أرواح الأنبياء والأولياء ، والصلحاء طوعا ، ومن أرواح الكافرين
والمنافقين والشياطين كرها بالدليل والتسخير تحت الأحكام والتقدير ، وظلالهم أي
نفوسهم ، فإن النفوس ظلال الأرواح وليس السجود من شأنها لأنها أمارة بالسوء إلا ما
رحم الرب فإنها تسجد بتبعية الأرواح ( معنى آخر ) ولله يسجد من في سماوات القلوب
من صفات القلوب والأرواح والعقول طوعا ، ومن في أرض النفس من صفات النفس والقوي
الحيوانية والسبعية والشيطانية كرها ، وظلالهم وهي آثارها ونتائجها. ( آخر ) ولله
يسجد الأرواح في الحقيقة وظلالهم وهي أجسادهم بالتبعية وهذا السجود بمعنى وضع
الجبهة وخص الوقتان بالذكر لأن آثار القدرة فيهما أكثر ، وإن أريد الانقياد
والتسخير احتمل أن يراد بالوقتين وقت الانتباه والنوم ،
نام کتاب : مرآة العقول نویسنده : العلامة المجلسي جلد : 12 صفحه : 218