ومن هنا قلنا إنّ البقاء وهو التصرف فيها بغير الحركة الخروجية محرّم ، ولا تسقط حرمته من ناحية الاضطرار لفرض عدم تعلقه به ، والخروج بما أنّه مصداق للتخلية بين المال وصاحبه فلا محالة يكون واجباً شرعاً ، وعليه فيكون المقام من الاضطرار إلى مطلق التصرف في مال الغير الذي يكون بعض أفراده واجباً وبعضها الآخر محرّماً ، نظير ما إذا اضطرّ المكلف لرفع عطشه مثلاً إلى شرب الماء الجامع بين الماء النجس والطاهر ، فانّه لا يوجب سقوط الحرمة عن شرب النجس ، لفرض عدم الاضطرار إليه ، بل هو باقٍ على حرمته ووجوب الاجتناب عنه.
وعلى الجملة : فالخروج واجب بحكم الشرع والعقل من ناحية دخوله في كبرى تلك القاعدة ، أعني قاعدة وجوب التخلية بين المال ومالكه ، وامتناع كونه داخلاً في كبرى قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار ، ومن المعلوم أنّ عنوان التخلص والتخلية من العناوين المحسّنة عقلاً المطلوبة شرعاً من ناحية اشتمالها على مصلحة إلزامية ، وأمّا غيره ـ أي غير الخروج من أقسام التصرف ـ فيبقى على حرمته كما عرفت.
والجواب عن ذلك : أنّ الحركات الخروجية مضادّة لعنوان التخلية والتخلص ، ضرورة أنّ تلك الحركات تصرف في مال الغير حقيقةً وواقعاً ومصداق للغصب كذلك ، ومعه كيف تكون مصداقاً للتخلية ، لوضوح أنّ التخلية هي إيجاد الخلأ في المكان وهو يضاد الاشغال والابتلاء به ، ومن الواضح جداً أنّ الحركات الخروجية مصداق لعنوان الاشغال والابتلاء ، فكيف يصدق عليه عنوان التخلص والتخلية ، فانّهما من العناوين المتضادة فلا يصدق أحدهما على ما يصدق عليه الآخر ، بداهة أنّ ظرف تحقق الخلاص وإيجاد الخلأ والفراغ بين المال ومالكه