ذلك فامّا أن نجعل هذه الأدلة مخصصةً لما دلّ على اشتراط صحة النذر برجحان متعلقه ، وإمّا أن نقول بكفاية الرجحان الناشئ من قبل النذر في صحته كما التزم بذلك السيد الطباطبائي قدسسره في العروة [١].
ولكن أورد على ذلك شيخنا الاستاذ قدسسره[٢] بأن لازم هذه النظرية إمكان تصحيح النذر في المحرّمات أيضاً بالرجحان الناشئ من قبله فضلاً عن المكروهات ، وهو كما ترى.
وفيه : أن ما أورده قدسسره على هذه النظرية خاطئ جداً ، والسبب في ذلك : أنّ ما دل على حرمة شيء أو كراهته باطلاقه يشمل ما قبل النذر وما بعده ، يعني أنّه كما يدل على حرمته قبل النذر كذلك يدل عليها بعده ، بداهة أنّ دليل وجوب الوفاء بالنذر لا يصلح أن يكون مقيداً لاطلاقه وإلاّ لأمكن تحليل جميع المحرّمات والواجبات فعلاً وتركاً بالنذر كما أفاده ، والسر فيه : أنّ دليل وجوب الوفاء به لا يكون ناظراً إلى أنّ ما تعلق به النذر راجح أو ليس براجح ، وعليه فلا بدّ من إحرازه من الخارج. نعم ، قد يكون تعلق النذر به ملازماً لانطباق عنوان راجح عليه فحينئذ يصح النذر ، إذ لا يعتبر في صحته أن يكون متعلقه راجحاً قبله أي قبل النذر زماناً ، بل يكفي فيها مقارنته معه زماناً.
وعلى الجملة : فدليل وجوب الوفاء بالنذر لا يكون سبباً وموجباً لحدوث الرجحان في متعلقه حتى يستلزم انقلاب الواقع بأن يجعل المبغوض محبوباً والحرام راجحاً ، حيث إنّه غير ناظر إلى أنّ متعلقه راجح أو غير راجح حرام