ومن ضوء هذا البيان يظهر حال التعليل الوارد فيها وهو قوله عليهالسلام : « إنّه لم يعص الله وإنّما عصى سيده فاذا أجاز جاز » فانّ المراد من أنّه لم يعص الله يعني أنّه لم يأت بما هو منهي عنه بالذات ومبغوض له تعالى من ناحية اشتماله على مفسدة ملزمة ، وإنّما أتى بما هو مبغوض لسيده فحسب من جهة تفويت حقه فلا يكون مبغوضاً له تعالى إلاّبالتبع ، ومن هنا يرتفع ذلك برضا سيده بما فعله وعصاه فيه.
أو فقل : إنّ نكاح العبد بما أنّه ليس من أحد المحرّمات الإلهية في الشريعة المقدّسة ، بل هو أمر سائغ في نفسه ومشروع كذلك وإنّما هو منهي عنه من ناحية إيقاعه خارجاً بدون إذن سيده ، وعليه فبطبيعة الحال يرتفع النهي عنه باذن سيده وإجازته ، ومع الارتفاع لا موجب للفساد أصلاً.
ولنأخذ بالنقد على ما أفاده قدسسره : وهو أنّه لايمكن أن يراد من العصيان في الروايات العصيان التكليفي ، بل المراد منه العصيان الوضعي في كلا الموردين ، والسبب في ذلك : هو أنّ النكاح المزبور بما أنّه مشروع في نفسه في الشريعة المقدسة لا يكون مانع من صحته ونفوذه بمقتضى العمومات إلاّعدم رضا السيد به وعدم إجازته له ، فاذا ارتفع المانع بحصول الاجازة جاز النكاح ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : قد تقدم منّا في ضمن البحوث السالفة أنّ حقيقة المعاملات عبارة عن الاعتبارات النفسانية المبرزة في الخارج بمبرزٍ مّا من قول أو فعل أو كتابة أو نحو ذلك ، ومن الطبيعي أنّ إبراز ذلك الأمر الاعتباري النفساني في الخارج بمبرزٍ مّا ليس من التصرفات الخارجية ليقال إنّه حيث كان بدون إذن السيد فهو محكوم بالحرمة ، بداهة أنّه لا يحتمل إناطة جواز تكلم العبد باذن سيده ، ومن هنا لو عقد العبد لغيره لم يحتج نفوذه