والسبب في ذلك : ما ذكرناه غير مرّة من أنّ الملازمة المزبورة وإن لم تكن داخلةً تحت إحدى المقولات كالجواهر والأعراض ، إلاّ أنّها مع ذلك أمر واقعي أزلي ، أي ثابت من الأزل وليست لها حالة سابقة ، فان كانت موجودة فهي من الأزل وإن كانت غير موجودة فكذلك ، فلا معنى لأن يشك في بقائها لا وجوداً ولا عدماً ، بل الشك فيها دائماً إنّما هو في أصل ثبوتها من الأزل وعدم ثبوتها كذلك ، ومن المعلوم أنّه لا أصل هنا ليعتمد عليه في إثباتها من الأزل أو عدم إثباتها كذلك.
ومن هنا يظهر الحال فيما لو كان المبحوث عنه في هذه المسألة دلالة النهي على الفساد وعدم دلالته عليه ، حيث إنّه لا أصل على هذا الفرض أيضاً ليعوّل عليه في إثبات هذه الدلالة أو نفيها ، هذا كلّه في المسألة الاصولية.
وأمّا في المسألة الفرعية : فيجري الأصل فيها ـ وهو أصالة الفساد ـ وإنّما الكلام في أنّه هل يقتضي الفساد في العبادات والمعاملات مطلقاً أو في المعاملات فحسب دون العبادات؟ فيه قولان.
فاختار شيخنا الاستاذ قدسسره[١] القول الثاني ، وقد أفاد في وجه ذلك : أنّ الأصل في جميع موارد الشك في صحة المعاملة يقتضي الفساد ، لأصالة عدم ترتب الأثر على المعاملة الخارجية المشكوك صحتها ، وبقاء متعلقها على ما كان قبل تحققها ، من دون فرق في ذلك بين أن يكون الشك لأجل شبهة حكمية أو موضوعية. وأمّا العبادة فان كان الشك في صحتها وفسادها لأجل شبهة موضوعية فمقتضى قاعدة الاشتغال فيها هو الحكم بفساد المأتي به وعدم سقوط أمرها. وأمّا إذا كان لأجل شبهة حكمية فالحكم بالصحة والفساد عند