اخرى ، وحيث إنّ في مسألتنا هذه تتوفر كلتا هاتين الركيزتين فهي من المسائل الاصولية ، فانّها على القول بثبوت الملازمة تقع في طريق استنباط الحكم الفرعي الكلي بلا واسطة ضم مسألة اصولية اخرى.
وأمّا الدعوى الثانية : فلأنّ الحاكم بثبوت الملازمة بين حرمة عبادةٍ وفسادها وعدمه إنّما هو العقل ، ولا صلة له بباب الألفاظ أبداً ، ومن هنا لا يختص النزاع بما إذا كانت الحرمة مدلولاً لدليل لفظي ، ضرورة أنّه لا يفرق في إدراك العقل الملازمة أو عدمها بين كون الحرمة مستفادة من اللفظ أو من غيره.
وبكلمة اخرى : أنّ القضايا العقلية على شكلين :
أحدهما : القضايا المستقلة العقلية ، بمعنى أنّ في ترتب النتيجة على تلك القضايا لا نحتاج إلى ضم مقدمة خارجية ، بل هي تتكفل لاثبات النتيجة بنفسها ، وهذا معنى استقلالها ، وهي كمباحث التحسين والتقبيح العقليين.
وثانيهما : القضايا العقلية غير المستقلة ، بمعنى أنّ في ترتب النتيجة عليها نحتاج إلى ضم مقدمة خارجية ، وهذا هو معنى عدم استقلالها ، وهي كمباحث الاستلزامات العقلية كمبحث مقدمة الواجب ، ومبحث الضد ، وما شاكلهما ، فانّ الحاكم في هذه المسائل هو العقل لا غيره ، ضرورة أنّه يدرك وجود الملازمة بين إيجاب شيء وإيجاب مقدمته ، وبين وجوب شيء وحرمة ضده ، وهكذا ، ومسألتنا هذه من هذا القبيل.
الثالثة : أنّ محل النزاع في المسألة إنّما هو في النواهي المولوية المتعلقة بالعبادات والمعاملات ، وأمّا النواهي الارشادية المتعلقة بهما التي تدل على مانعية شيء لهما كالنهي عن المعاملة الغررية مثلاً وكالنهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه وما