نام کتاب : متشابه القرآن نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 730
من أن العبد ممكن من الطاعة والمعصية ، وأنهما يحدثان من قبله ، لا يمنع من إضافة [ الطاعة ] إليه تعالى ، لأنها إنما تتم منا بسائر الوجوه التى قدمت ذكرها ، ولولاها لم تتم ، فغير ممتنع أن يضيفها تعالى إلى نفسه ، ويضيفها العبد إليه.
ويبين ما ذكرناه أن المعاصى ينبغى أن لا تضاف إليه تعالى ، على وجه. وذلك لأن سائر ما معه تحسن الإضافة وتصح ، معدوم فيها ، بل قد اختصت بوجوه تقطع الإضافة ، من حيث منعنا من فعلها بالزجر والوعيد والنهى والتخويف ، إلى غير ذلك من الألطاف التى بعث العبد بها إلى أن لا يفعلها. ويوجب كل ذلك أن العبد اذا عوقب ووبخ على المعاصى ، فإنه يستحق ذلك ، لأنه أتى من قبل نفسه ، من حيث أزاح تعالى سائر علله فى أن لا يفعلها ، وسهل له السبيل إلى ذلك ، ولم يدع أمرا لو فعله لم يكن يختار المعصية إلا وقد فعله ، ولا فعل أمرا لو لم يفعله لاختار المعصية ، إلا ولم يفعله ، فإنما أتى من قبل نفسه من كل وجه ، وإن كان طاعته لم تتم من قبل نفسه بكل وجه.
فلهذه الجملة : جعلنا القديم تعالى منعما بالطاعة ؛ لأنه من الوجوه التى بيناها صارت الطاعة كأنها من قبله تعالى ، ولم نجعله بما فعله من المعصية سببا.
٩٠٢ ـ مسألة فى مقارنة اللطف والمفسدة
اعلم أن القدرة وسائر ما به وعنده يصح منه الفعل ، ولولاه كان يتعذر فى باب التمكين ، فلا يجوز أن « يعد اللطف من [١] ، لأن اللطف هو عبارة عما يغير دواعى الإنسان واختياره ، فلا بد من أن يكون التمكين من الفعل قد تقدم ،