نام کتاب : متشابه القرآن نویسنده : القاضي عبد الجبار جلد : 1 صفحه : 614
مع ما ذكرناه من تقدم خلق كتاب موسى له ، فجميع ذلك إذن متفق غير مختلف.
٦٩٤ ـ وأما قوله : ( قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ) [١٥] فلا يصح تعلقهم به فى أنه تعالى الخالق لأفعال العباد ، وذلك أنا قد بينا أن الصلاح فى الدين يراد به الاستصلاح [١] الذى عند مصادفة القبول يكون العبد صالحا ، لأنه لا بد من أن يكون مختارا محتملا للكلفة فيه ليستحق الثواب ، فيكون صالحا به وصلاحا له ، وذلك يقتضى صحة ما ذكرناه فيه ، ويفارق صلاح الدنيا ، لأنه قد يصح أن يكون اضطرارا ، فيصلح المفعول به ذلك لا محالة ، كصلاح الجسم فى الخلقة وزوال السقم ، إلى ما شاكله.
فإذا ثبت ذلك ، فإنما دعا الله فى إصلاح ذرّيته على هذا الحد الذى ذكرناه فى الدين ، بأن يلطف لهم ويعينهم ويسهل سبيلهم إلى الطاعات ، فيصيروا صالحين. وقد مضى القول فى ذلك من قبل ، ولذلك قال فى نفسه : ( وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ ). فسأل الله تعالى أن يسهّل له الشكر على نعمه ، وأن يلطف له فى أن يعمل صالحا ، وكل ذلك متفق غير مختلف.
٦٩٥ ـ وأما تعلق المرجئة بقوله تعالى : ( وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) [١٩] فى أن الذى يرتكب الكبيرة من [ أهل ] الإيمان لا يجوز أن يضيّع ، ولا بد أن يوفّى! فبعيد ؛ لأن ظاهره يقتضى أنه يوفيهم نفس أعمالهم ، وذلك لا يصح ، لأن عملهم قد تقضى ، فلا يصح هذا الوجه فيه.