نام کتاب : في مقارنة الأديان نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 21
وهكذا يتمثل اللّه جل شأنه بصورة إنسان ، وينزل الى الأرض ، ويصارع يعقوب حتى طلوع الفجر ، فلا يقوى عليه ، بل يكون يعقوب هو المتغلب القابض على «خصمه»! فيتوسل به ذلك الإنسان ـ الذي هو اللّه كما يزعمون ـ أن أطلقني! فيأبى يعقوب حتى يأخذ منه البركة التي يريدها عنوةً!
كيف يتصور عاقل أن هذا الكلام هو من وحي السماء ، أم من كلام الأنبياء؟! دع عنك المورد الأخير «لأني رأيت الاله وجوها لوجوه»! فإذا كان يصور للّه وجوهاً ليراد بها معاني غائبة عنا ، فكيف تكون له هو وجوه ، لا وجه واحد؟!
٥ ـ اللّه في وسط العليقة!!
ما زالت التوراة تتحدث عن اللّه جل جلاله وكأنه جسم كالانسان ، ينزل إلى الأرض مرة بعد اُخرى ، فلما أراد أن يوحي إلى موسى نزل إليه الى الأرض ليكلمه!
تقول التوراة : «إن موسى كان يرعى الغنم ، فجاء بها إلى حوريب ، وظهر ملاك اللّه له بلهبة نار من وسط عليقة [١] ، وإذا العليقة تتوقد ولا تحترق ، فمال موسى لينظر ، فلما رآه اللّه مال ، ناداه الاله من وسط العليقة ، وقال له : أنا إله أبيك إبراهيم ، إله اسحاق ، إله يعقوب! فغطى موسى وجهه ، لأنه خاف أن ينظر إلى الاله»! [٢]
وهكذا تميل التوراة إلى تجسيم الاله وتجسيده ، وكأن صورة فرعون
[١] العليقة : ما تعلفه الدابة من شعيرة ونحوه. [٢] سفر الخروج ـ الفصل ٣.
نام کتاب : في مقارنة الأديان نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 21