وقبل أنْ يعلن الإمام (عليه السّلام) الحرب
على غول الشام أوفد للقياه جرير بن عبد الله البجلي يدعوه إلى الطاعة والدخول فيما
دخل فيه المسلمون من مبايعته ، وقد زوّده برسالة [٢] دعاه فيها إلى الحقّ مِنْ أقصر سبيله ،
وبأوضح أساليبه ، وفيها الحكمة الهادية لمَنْ أراد الهداية ، وشرح الله صدره ، وفجّر
في فؤاده ينبوع النور. وانتهى جرير إلى معاوية فسلّمه رسالة الإمام (عليه السّلام)
، وألحّ عليه في الوعظ والنصيحة ، وكان معاوية يسمع منه ولا يقول له شيئاً ، وإنّما
أخذ يطاوله ويسرف في مطاولته ، لا يجد لنفسه مهرباً سوى الإمهال والتسويف.
معاوية مع ابن العاص :
ورأى معاوية أنّه لن يستطيع التغلّب على
الأحداث إلاّ إذا انضمّ إليه داهية العرب عمرو بن العاص فيستعين به على تدبير
الحيل ، ووضع المخططات التي تؤدي إلى نجاحه في سياسته ، فراسله طالباً منه الحضور
إلى دمشق. وكان ابن العاص فيما يقول المؤرّخون : قد وجد على عثمان حينما عزله عن
مصر ، فكان يؤلّب الناس عليه ويحرّضهم على الوقيعة به ، وهو ممّن مهّد للفتنة
والثورة عليه ، ولمّا أيقن بحدوث الانقلاب عليه خرج إلى أرض