نام کتاب : حياة الإمام الحسن بن علي عليهما السلام دراسة وتحليل نویسنده : باقر شريف القرشي جلد : 3 صفحه : 52
البلاء وأقواه ، ولمْ
يكن معاوية بأقلّ تنكّراً للإسلام وبغضاً لأهله مِنْ أبيه ، وكان المسلمون
الأوّلون ينظرون إليهما نظرة ريبة وشك في إسلامهما ، وقد استطاع بمكره ودهائه أنْ
يغزو قلب الخليفة الثاني ، ويحتل المكانة المرموقة في نفسه فجعله والياً على الشام
، وظلّ يبالغ في تسديده وتأييده ، وبعد وفاته أقرّه عثمان وزاد في رقعة سلطانه.
وظلّ معاوية في الشام يعمل عمل مَنْ
يريد المُلْك والسلطان ، فأحاط نفسه بالقوّة واشترى الضمائر ، وسخّر اقتصاد بلاده
في تدعيم سلطانه ، وبعد الأحداث التي ارتكبها عثمان علم معاوية أنّه مقتول لا
محالة ، فاستغاث به عثمان حينما حوصر فأبطأ في نصره ، وظلّ متربصاً حتّى قُتِلَ
ليتّخذ مِنْ قميصه ودمه وسيلة للتشبث بالمُلْك ، وقد دفعه إلى ذلك حرب الجمل التي
كان شعارها المطالبة بدم عثمان ، فاتّخذه خير وسيلة للتذرّع لنيل المُلْك.
ويقول المؤرّخون : إنّه استعظم قتل
عثمان وهول أمره ، وراح يبني مُلْكه على المطالبة بدمه.
وكان الإمام (عليه السّلام) محتاطاً في
دينه كأشدّ ما يكون الاحتياط فلمْ يصانع ولمْ يحاب ، وإنّما سار على الطريق الواضح
، فامتنع أنْ يستعمل معاوية على الشام لحظة واحدة ؛ لأنّ في إقراره على منصبه
تدعيماً للظلم وتركيزاً للجور.
وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ الإمام (عليه
السّلام) بعد حرب الجمل قد غادر البصرة مع قواته المسلحة ، واتّجه إلى الكوفة
ليتّخذها عاصمة ومقرّاً له. واتّجه فور قدومه إليها يعمل على تهيئة وسائل الحرب
لمناهضة عدوّه العنيف الذي يتمتّع بقوى عسكرية هائلة أجمعت على حبّه ونصرته ، وكان
الشنّي يحرّض الإمام (عليه السّلام) ويحفزّه على حرب أهل الشام بعد ما أحرزه مِن
النصر في وقعة الجمل ، وقد قال له :
قل لهذا الإمام قد خبت الحر
بُ وتمّت بذلك النعماءُ
وفرغنا من حرب مَنْ نكث العهْـ
ـد وبالشام حيّةٌ صمّاءُ
نام کتاب : حياة الإمام الحسن بن علي عليهما السلام دراسة وتحليل نویسنده : باقر شريف القرشي جلد : 3 صفحه : 52