عن عزوفه عن الدنيا ، واقتناعه بالقليل منها يقول :
لكسرة من خسيس الخبز تشبعني
وشربة من قراح الماء تكفيني
وطرة من دقيق الثوب [١] تسترني
حيا وان مت تكفيني لتكفيني [٢]
ورسم على خاتمه بيتين من الشعر يلمس فيهما مدى زهده وهما :
قدم لنفسك ما استطعت من التقى
إن المنية نازل بك يا فتى
أصبحت ذا فرح كأنك لا ترى
أحباب قلبك في المقابر والبلى [٣]
وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت
يا اهل لذات دنيا لا بقاء لها
ان اغترارا بظل زائل حمق [٤]
ومما ينسب له في ذم المغرور في الدنيا والمفتون بحبها قوله :
قل للمقيم بغير دار اقامة
حان الرحيل فودع الاحبابا
ان الذين لقيتهم وصحبتهم
صاروا جميعا في القبور ترابا [٥]
ومن مظاهر زهده ما حدث به مدرك بن زياد [٦] قال : كنا في حيطان ابن عباس فجاء الحسن والحسين ، وابنا العباس فطافوا فى تلك البساتين ثم جلسوا على ضفاف بعض السواقي ، فقال الحسن : يا مدرك : هل عندك غذاء؟ فقلت له : نعم ثم انطلقت فجئته بخبز وشيء من الملح
[١] الدقيق : الحقير من الثياب
[٢] البحار ١٠ / ٩٤
[٣] تاريخ ابن عساكر ٤ / ٢١٩
[٤] الفصول المهمة لابن الصباغ : ص ١٦٢
[٥] المناقب ٢ / ١٤٥
[٦] مدرك بن زياد احد الصحابة ، توفى في دمشق بقرية يقال لها « راوية » وهو اول مسلم دفن فيها ، الاصابة ٣ / ٣٩٤