وتلك الحجّة والبرهان لا بدّ من أن تكون حجيّتها ذاتيّة أو منتهية إليها ، وإلاّ لزم الدور أو التسلسل الباطلان ، وأن لا يثبت أمر ، فإنّ إثبات صدق القضيّة في صغرى البرهان المصطلح أو كبراه الذي يتوقّف عليه الإنتاج ، إن لم يكن بحجّة ذاتيّة أو منتهية إليها ، فإمّا أن ينتهي إلى نفس البرهان ويتوقّف عليه فهو الدور ، وإلاّ فيتسلسل.
« البرهان » في القرآن الكريم
يظهر من التدبّر في الآيات المتقدمة وغيرها وموارد نزولها أنّ البرهان والحجّة عبارة عن كل ما يوضح الأمر ، ويصحّ أن يحتجّ به ، سواء كان مؤلّفا من القضايا أم لا ، كالعقل والعلم ، وكالنبيّ والإمام ، والمعجزة ، ومطلق الآيات التكوينيّة ، فلا وجه لحمله على البرهان المصطلح بما له من تفصيل الشرائط.
فمتى قام أحد الأمور المذكورة ممّا يصحّ إطلاق الحجّة والبرهان بمعناها اللغويّ عليه ـ وإن كان مجازا من باب تسمية الجزء باسم الكلّ ، وتسمية السبب باسم المسبّب ـ