لو نظرنا فيها نظر المتأمل والمتدبر لوجدناها تتحدث عن أمرين مهمين ، وهما :
الأول : تتحدث هذه الآيات عن خلق السموات والأرض بما فيها من موجودات مرئية وغير مرئية ، قد نالتها المعرفة الإنسانية أو لم تنلها بعد لحد الآن.
الثاني : حديثها عن الإنسان بما ينطوي عليه من معالم الخلقة والإعجاز ، ولکن مع ذلک کله جعله الحق تعالى أقل شأناً من خلق السموات والأرض ، کما مرّ ذکره في هذه الآية : (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ). [٤]
وقد اختلف في تعريف القدرة بعد التسليم بإطلاقها وعدم محدوديتها بأي نحو من الحد والتقييد ، فقد قال المتکلمون في تعريفها : ( بصحة الفعل والترک ) ، [٥] وإن شئت قلتَ : ( إمکان الفعل والترک ، وکون نسبتها إليه على السواء ) ، [٦] بينما عرفها الفلاسفة ب : کونه إذا شاء فعل وإذا لم يشأ لم يفعل ، ولکنه شاء وفعل ) ، [٧] ولسنا هنا في مقام تبيين ما هو الحق من هذين القولين ، وإنما نوکله إلى محله.
ولقد علقَّ العلامة الطباطبائي في ذيل الآية : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ)[٨] بقوله : ( هذه الآية إلى تمام الخمسة من کلامه واقعة في بيان القصة التي تقيم الحجة على المعاد ، وترفع استبعادهم له بما تقدم من حيث
[١] الأسراء ، ٩٩. [٢] الأحقاف ، ٣٣. [٣] يس ، ٨١. [٤] غافر ، ٥٧. [٥] عبد الهادي الشيرازي ، شرح المنظومة ، ص ١٧٢. [٦] العلامة الحلي ، حاشية السبحاني على کتاب کشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ، قسم الإلهيات ، ص ١٠. [٧] الحاج ملا عبدالهادي السبزواري ، شرح المنظومة ، ص ١٧٢. [٨] العنکبوت ، ١٩.
نام کتاب : المعاد الجسماني نویسنده : الساعدي، شاكر عطية جلد : 1 صفحه : 92