وحدّث جماعة من فزارة وبجيلة ، قالوا : كنا مع زهير بن القين البجلي [١] حين أقبلنا من مكّة فكنّا نساير الحسين عليهالسلام ، فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن ننازله في منزل فإذا نزل منزلاً لم نجد بدّاً من أن ننازله فيه ، كنّا ننزل في جانب غير الجانب الذي ينزل فيه الحسين عليهالسلام.
فبينا نحن جلوس نتغذّى من طعام لنا إذ أقبل رسول الحسين عليهالسلام حتى سلّم ، ثمّ قال :
[١] زهير بن القين البجلي ، وبجيلة هم بنو أنمار بن أراش بن كهلان من القحطانيّة ، شخصية بارزة في المجتمع الكوفي ، وكان له يوم عاشوراء شرف القتال إلى جانب الحسين بن علي عليهالسلام ، وقد أبدى شجاعة منقطعة النظير في سوح الوغى ، كان في بداية أمره مؤيّداً لأنصار عثمان. إلا انّ حسن حظّه جعل له حسن العاقبة ليكون من شهداء كربلاء الأجلاء.
ولمّا اغلق جيش الحر الطريق على الإمام ، استأذن زهير الإمام الحسين وتكلّم معهم ، ثم عرض على الامام مقاتلتهم إلا انّه لم يوافق على رأيه.
وتحدث في يوم عاشوراء معلناً عن موقفه القاطع في مناصرة الحسين ، واستعداد للبذل في سبيله وقال : لو اقتل ألف مرّة ما تركت نصرة ابن رسول الله.
وفي يوم العاشر من محرّم جعله الحسين عند تعبئة عسكره على الميمنة ، وزهير أول من خطب بالقوم بعد الحسين ، وهو يحمل سلاحه ، وابلغ لهم في النصح ، فرماه الشمر بسهم ، وجرى حوار بينه وبين الشمر.
وفي ظهيرة يوم العاشر وقف هو وسعيد بن عبد الله يقيان الإمام من السهام حتى ينهي صلاته. وبرز بعدها إلى القتال ، وقاتل قتال الأبطال وكان حينها يرتجز قائلاً :
انا زهير وانـا ابـن القين
اذودكم بالسيف عن حسينِ
انّ حسيناً أحد السبطـيـن
من عترة البرّ التقي الزينِ
ذاك رسول الله غير المين
اضربكم ولا ارى من شينِ
يا ليت نفسي قسمت قسمين
انظر : تاريخ الطبري ٥ : ٣٩٦ ـ ٣٩٧ و ٦ : ٤٢ و ٤٢٢ ، رجال الشيخ : ٧٣ ، أنصار الحسين : ٨٨ ، أعيان الشيعة ٧ : ٧٢.