وأقبل الحسين عليهالسلام من الحاجز يسير نحو الكوفة فانتهى إلى ماء من مياه العرب فإذا عليه عبد الله بن مطيع العدوي ، فلمّا رأى الحسين عليهالسلام قام إليه فقال :
بأبي أنت واُمّي يا بن رسول الله ما أقدمك؟ واحتمله فأنزله.
فقال له الحسين عليهالسلام : كان من موت معاوية ما قد بلغك ، فكتب إليّ أهل العراق يدعونني إلى أنفسهم.
فقال ابن مطيع : اذكرك الله يا بن رسول الله وحرمة الاسلام أن تنهتك ، أنشدك الله في حرمة قريش ، أنشدك الله في حرمة العرب ، فوالله لئن طلبت ما في أيدي بني اُميّة ليقتلنك ، ولئن قتلوك لا يهابوا بعدك أحداً ، والله انّها لحرمة الاسلام تنهتك ، وحرمة قريش ، وحرمة العرب ، فلا تفعل ، ولا تأت الكوفة ، ولا تعرض نفسك لبني اُميّة.
فأبى الحسين عليهالسلام إلا أن يمضي انجازاً لمقاصده السامية.
وكان ابن زياد أمر فأخذ ما بين واقصة [١] إلى طريق الشام إلى طريق البصرة فلا يدعون أحداً يلج ، ولا أحداً يخرج.
وأقبل الحسين عليهالسلام فلقي الأعراب فسألهم فقالوا : ما ندري ، غير أنّا لا نستطيع أن نلج ولا نخرج ، فسار ـ بأبي واُمّي ـ تلقاء وجهه.
[١] اسم أحد المنازل بين مكّة والكوفة ويبعد عن الكوفة مسير ثلاثة أيّام ، وقد مرّ به الحسين بن علي عليهالسلام في مسيره إلى كربلاء ، وهنالك مواضع اُخرى بهذا الاسم في طريق مكّة وفي اليمامة ، وفي واقصة منارة مبنية من قرون وأضلاف صيد الصحراء بناها ملك شاه السلجوقي. انظر : آثار البلاد : ٣٣٦.