وأقول ثانيا : كلام أمير المؤمنين عليهالسلام صريح فيما قرّره العلّامة في النهاية.
وبالجملة ، العقل والنقل تعاضدا [١] في ذلك الباب ، فكيف يظنّ الفاضل المعاصر خلاف ما أجمع عليه وخلاف مقتضى العقل وخلاف مقتضى النقل؟ والسبب فيه غفلته عن تحقيق ما هو المراد من البحث واستعجاله في الامور وعدم تعمّقه في المباحث.
وأمّا قول أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ فقد ذكره الفاضل المدقّق محمّد ابن إدريس الحلّي في آخر كتاب السرائر فيما انتزعه من تهذيب الأحكام لرئيس الطائفة قدسسره حيث قال : مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان يحكم في زنديق إذا شهد عليه رجلان مرضيّان عدلان وشهد له ألف بالبراءة جازت شهادة الرجلين وأبطل شهادة الألف ، لأنّه دين مكتوم [٢].
عمر بن خالد ، عن زيد بن عليّ ، عن آبائه قال سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الساحر ، فقال : إذا جاء رجلان عدلان فيشهدان عليه فقد حلّ دمه [٣] *.
التسديد من المصنّف أوّلا غير معلوم أن يكون هو الوجه في دفع المخالفة وأنّه مقصود للعلّامة.
وثانيا إنّ كلام الفاضل يقتضي أنّ فعل العلّامة في الخلاصة من ترجيح المعدّل غير مختصّ بهذه الصورة المخصوصة ، فلا يلزم من التسديد بما ذكر فيها أن يتمّ أيضا في غيرها.
ولم يظهر من سياق كلام العلّامة وجه للترجيح فيها إلّا تعدّد المعدّل دون الجارح. وما ذكره المصنّف من الفرق بين الجارح لم يثبت في حقّ ابن الغضائري.
وحكمه بوجوب الجمع مع عدم التناقض ـ كما في القسم الأوّل ـ وأنّه لا مجال للترجيح فيه ـ خلافا لما رجّحه الفاضل فيه من الترجيح إذا حصل ـ لم يذكر دليلا قاطعا عليه ، وإنّما هو تصوّر رجع فهمه القاصر إليه. فنسبة الغفلة والتساهل إلى من خالفه فيه كان هو أحقّ بها وأهلها.
* إنّ كلام المصنّف لا ربط لبعضه ببعض ، لأنّ إيراد الفاضل على العلّامة قد عرف وجهه ، وحينئذ يرجع الأمر في القسمين ـ على مقتضى كلام الفاضل ـ إلى اعتبار الترجيح إذا أمكن.
وفعل أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ ما كان إلّا بسبب شهادة العدلين ـ ولا خصوصيّة لكونها