وتوضيح المقام : أنّ الكرّ في الأصل مكيال لأهل العراق ، وإنّما جرت عادة الأئمّة عليهمالسلام بذكر لفظ « الكرّ » في معرض بيان المعيار بين مقدار الماء الّذي ينجس بمجرّد ورود النجاسة عليه وبين مقدار الماء الّذي ليس كذلك ، لأنّ مخاطبهم عليهمالسلام كان من أهل العراق ، ومن المعلوم : أنّ الكرّ مدوّر مثل البئر ، ومن المعلوم : أنّ المناسب بمساحة المدوّر أن يذكر قطره وأن يذكر عمقه وغير مناسب أن يذكر طوله وعرضه وعمقه.
ومن جملة أغلاط جمع منهم : أنّ بعضهم زعم أنّ محمّد بن إسماعيل الّذي يروي عنه الكليني هو ابن بزيع ، وزعم أنّ كلّ حديث في طريقه الكليني عن محمّد بن إسماعيل مرسل ، ويلزم من ذلك أن يكون الإمام ثقة الإسلام مدلّسا في هذا الباب. وأنّ بعضهم زعم أنّ محمّد بن إسماعيل هذا هو البرمكي صاحب الصومعة ، مع أنّ في كتاب الكشّي عبارات ناطقة بأنّه النيسابوري [١] **.
* إنّ مثل هذه المسألة لا تحرز أنّ التنبّه لها مزيّة ، وقد سبقه غيره إلى هذا الاحتمال ، والحذف أيضا محتمل لقيام القرينة في مثله. ولا صراحة في لفظ « السعة » لأحد الأمرين. ورواية إسماعيل بن جابر المتضمّنة لأنّ « الكرّ ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار » ردّها المحقّق في المعتبر بقصورها عن اعتبارهم [٢] حيث إنّ فيها إخلالا بذكر البعد الثالث. وفي هذا الحديث قرينة على ترجيح الحذف في الحديث السابق ، لأنّه لا مرجّح لدلالته هنا بنفسه على البعد الثالث من دون الحذف ، ومفاد الحديثين بالنسبة إلى الابعاد واحد ، فإذا ترجّح حمل أحدهما على معنى ترجّح الآخر.
إذا تقرّر ذلك فليت شعري! أيّهم أحقّ بالغلط؟ المصنّف أو من نسبه إليهم من الأجلّاء.
** إنّ منشأ الوهم في ذلك أنّ الكليني رحمهالله في أوّل الروضة قال : محمّد بن يعقوب الكليني ، حدّثني عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن حفص المؤذّن ، عن أبي عبد الله عليهالسلام وعن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام[٣]
[١] راجع رجال الكشّي : ٥٣٨ ، الرقم ١٠٢٤ ، و ٥٣٢ ، الرقم ١٠١٦. [٢] المعتبر ١ : ٤٦. [٣] الكافي ٣ : ٢.