ومن جملة إسراعهم : أنّهم لم يطالعوا كتاب العدّة ولا اصول المحقّق ولا ما ذكره في أوائل المعتبر ، ولم يطّلعوا على ما هو المسطور فيها من أنّ أحاديث كتب أصحابنا مأخوذة من اصول أجمعت الطائفة المحقّة على أنّها معتمد عليها ، وأجمعت على جواز العمل بها بتفصيل مذكور فيها. ولم يمعنوا النظر فيما ذكره الإمام ثقة الإسلام في أوائل كتاب الكافي : من أنّ أحاديث كتابه كلّها صحيحة ، ولا فيما ذكره رئيس الطائفة في أوّل الاستبصار.
وبالجملة ، وقع تخريب الدين مرّتين مرّة يوم توفّي النبيّ صلىاللهعليهوآله ومرة يوم اجريت القواعد الاصولية [١] والاصطلاحات الّتي ذكرتها العامّة في الكتب الاصوليّة وفي كتب
والشيخ الطوسي رحمهالله في باب الحدود من التهذيب ابتدأ به في أوّل السند مع التصريح بأنّه ابن بزيع [٢]. والّذي يدفع هذا الوهم ، أمّا الأوّل : فلأن « محمّد بن إسماعيل » معطوف على « ابن فضّال » لأنّ إبراهيم بن هاشم يروي عنهما ، وعطفه على فاعل « حدّثني » بعيد ، بل لا يستقيم ، لما سنذكره. وأمّا الثاني : فلأنّ الشيخ رحمهالله من عادته في كتابيه أن يروي عن بعض جماعة من المتقدّمين ـ مثل صفوان وحريز وغيرهم ـ مع ذكر طريقه إليهم في آخر الكتاب اعتمادا على أخذه من كتبهم كما يفهم منه ذلك من كلامه في أوّل الأسانيد ؛ فذكر الكشّي في ترجمة الفضل بن شاذان حكاية عن الفضل وقال : « إنّ أبا الحسن محمّد بن إسماعيل البندقي النيشابوري ذكرها » [٣] وهذا الكلام يرجّح أن يكون هو الّذي يروي عن الفضل بن شاذان ، والكليني يروي عنه ، لكنّه مجهول الحال. وربما يترجّح صحّة الرواية عنه إمّا بكون كتب الفضل كانت موجودة فكان الأخذ منها ، أو لأنّ الكليني أكثر الرواية عنه ، وفيه شهادة بحسن حاله. ووصف العلّامة وغيره أحاديث هو في طريقها بالصحّة ، ورجّح صاحب المنتقى ـ الأخ رحمهالله ـ إدخال حديثه في قسم الحسن.
وأمّا محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، فإنّ الفضل بن شاذان متأخّر عنه ، لأنّه من أصحاب الهادي عليهالسلام ويظهر من كلام النجاشي أنّه روى عن أبي جعفر الثاني ومحمّد بن إسماعيل بن بزيع من أصحاب الكاظم والرضا عليهماالسلام وقال الكشّي : إنّه أدرك أبا جعفر الثاني عليهالسلام فرواية الشيخ أو الكليني عنه بغير واسطة لا وجه لها ، وتوهّمها فاسد. ولم يختصّ هذا التنبيه بالمصنّف حتّى يتمدح به والحال أنّه مسبوق إليه.
[١] في ط زيادة : العامة. [٢] التهذيب ١٠ : ١٤٦ ، ح ٨. [٣] الكشّي : ٥٣٨ ، الرقم ١٠٢٤.