ومن جملتها : أنّ كثيرا منهم لم يتفطّنوا بالفرق بين ما إذا علمنا نجاسة شخص محصور بين شخصين معيّنين أو أشخاص معيّنة أو حرمته ولم نقدر على التميّز بينهما أو بينها ، وبين ما إذا لم نعلم نجاسة شخص أو حرمته ، فأجروا حكم الصورة الثانية والأحاديث الواردة فيها في الصورة الاولى.
ومن جملتها : أنّ جمعا من أرباب التدقيق منهم زعموا أنّه إذا علمنا نجاسة ثوب مثلا لا نحكم بطهارته إلّا إذا قطعنا بإزالتها أو شهد عندنا شاهدان عدلان [١] لأنّ اليقين لا ينقض إلّا بيقين أو بما جعله الشارع في حكم اليقين ، وهو شهادة عدلين في الوقائع الجزئية.
وأنا أقول : لنا على بطلان دقتهم دليلان :
الأوّل : أنّ اللبيب الّذي تتبّع أحاديثنا بعين الاعتبار والاختبار يقطع بأنّه يستفاد منها : أنّ كلّ ذي عمل مؤتمن في عمله ما لم يظهر خلافه وإن شئت أن تعلم كما علمنا فانظر إلى الأحاديث الواردة في القصّارين والجزّارين [٢] وحديث تطهير الجارية ثوب سيّدها [٣] والحديث الصريح في أنّ الحجّام مؤتمن في تطهيره موضع الحجامة [٤]. لكن لا بدّ من قريحة قويمة وفطنة مستقيمة ، وإلّا تتعب نفسك وغيرك ، فإنّ كلّا ميسّر لما خلق له.
والدليل الثاني : أنّ هذه المسألة ممّا يعمّ به البلوى ، فلو كان حكمها مضيّقا كما زعموا لظهر عندنا منه أثر واضح بيّن ، ولم يظهر منهم عليهمالسلام إلّا ما يدلّ على التوسعة. والله أعلم بحقائق أحكامه *.
نجاسة ، فكانت الطهارة فيه أولى من الآخر ؛ وكذلك القول أيضا في الّذي لم يرد فيه تحريم.
* إنّ الحقّ يسوق المصنّف إلى الاعتراف بما يبطل مذهبه واعتقاده من حيث لا يعلم ولا يشعر بذلك! فأين كلامه ممّا ملأ الأسماع والأذهان : أنّه لا يجوز التعويل على الظنّ في أحكامه تعالى بقول مطلق؟ وهنا يكتفي بالظنّ الحاصل من أخبار المخبر في جميع أحكام هذه المسائل