أقوى منه من أفراد اليقين ، وباب اليقين العادي باب واسع يشهد بذلك اللبيب اليقظاني النفس ، والاصوليّون بنوا على هذا الباب كثيرا من قواعدهم كحجّية الإجماع ، وكذلك المتكلّمون ، وإن شئت أن تعلمه كما علمنا فانظر إلى الشرح العضدي للمختصر الحاجبي وإلى شرح المواقف والمقاصد وغيرها.
فائدة
كان المتعارف بين قدمائنا وفي كلام الأئمّة عليهمالسلام الوارد في وكلاء الصاحب عليهالسلام وفي غيرهم جواز الاعتماد على خبر الثقة ، ومن المعلوم : أنّ النسبة بين الثقة في الأخبار وبين ظنّ العدالة ـ الّذي اعتبره العلّامة رحمهالله[١] ومن وافقه من أصحابنا على وفق العامّة ـ عموم من وجه ، صرّح بذلك الشهيد الثاني في بعض تصانيفه في جواز الاعتماد على خبر البائع الثقة في استبراء الجارية [٢] ووقع هذا الإطلاق في صحيحة عمر بن يزيد في باب الشهادة [٣] وصرّح رئيس الطائفة في كتاب الفهرست بأنّ كثيرا من أصحاب الاصول كانوا ينتحلون المذاهب الفاسدة وكانت كتبهم
وثانيا يسند إلى الأحاديث أشياء كذلك ويجترئ على الحكم بأنّ المجتهد إذا أصاب لم يوجر وأنّ القضاء والإفتاء بقول مطلق لا يجوز إلّا بقطع ويقين. ويظهر من سياق كلامه استناد ذلك كلّه إلى ما عرفه من الحديث. وهذا إقدام عجيب! لأنّ الرجوع إلى العمل بالظنّ في مواضع عديدة قد ثبت الإذن فيها عنهم عليهمالسلام والمصنّف نقله واعترف به ، وأنّ قضاء من يتحاكم إليه من الشيعة إذا عرف شيئا من قضاياهم عليهمالسلام ماض على الخصم ولا يجوز ردّه والوعيد والتهديد على المراد. وكلّ هذا لاتّباع الهوى ، لا يتنبّه به المصنّف ولا يرجع عن الخطاء.
وأمّا قسمته اليقين إلى قسمين فلم يظهر لي معناه ، لأنّ اليقين والعلم إن أراد به الاعتقاد فلا يلزم مطابقته للواقع دائما ، وإن أراد به الّذي لا يقبل احتمال غيره فالحديث لا يصل إلى هذه المرتبة ما لم يكن مشافهة عن المعصوم عليهالسلام. والحديث الوارد من باب التقيّة إذا ثبت عندنا ولم نعلم أنّه من حكم التقيّة حكمنا به وعلمنا على حدّ غيره ، لا تفاوت بينهما في العلم واليقين إذا حصلا.
[١] راجع مبادئ الوصول : ٢٠٣ ـ ٢١٠. [٢] مسالك الأفهام ٣ : ٣٨٦. [٣] الفهرست : ٤.