معتمدة وصرّح في كتاب العدّة بأنّه يجوز العمل بخبر الثقة في الرواية وإن كان فاسد المذهب أو فاسقا بجوارحه [١].
وفي الكافي في باب تسمية من رآه عليهالسلام : محمّد بن عبد الله ومحمّد بن يحيى جميعا عن عبد الله بن جعفر الحميري قال : اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو رحمهالله عند أحمد بن إسحاق فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف ، فقلت له :
يا أبا عمرو قد أخبرني أبو عليّ أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن عليهالسلام قال :
سألته وقلت : من اعامل أو عمّن آخذ وقول من أقبل؟ فقال له : العمري ثقتي فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع فإنّه الثقة المأمون. وأخبرني أبو عليّ أنّه سأل أبا محمّد عليهالسلام عن مثل ذلك ، فقال له : العمري وابنه ثقتان فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان وما قالا لك فعنّي يقولان فاسمع لهما وأطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان ، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك. قال : فخرّ أبو عمرو ساجدا وبكى ، ثمّ قال : سل ، فقلت له : أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمّد عليهالسلام؟ فقال : إي والله! ورقبته مثل ذا ، وأومأ بيده [٢]. والحديث طويل نقلنا منه موضع الحاجة.
والتصريح بأنّه لا يعتمد في باب الرواية إلّا على رواية الثقة وقع في أحاديث كثيرة ، سيجيء في كلامنا نقل طرف منها ، فيه الكفاية إن شاء الله تعالى.
وأنا أقول : ما أفاده الشيخ قدسسره في غاية الجودة ، لأنّ خبر الثقة في الرواية فرد من أفراد الخبر المحفوف بالقرينة الموجبة للعلم والقطع ، وكأنّ هذه الدقيقة كانت منظورة لقدمائنا في العمل بخبر الواحد الثقة [٣] وغفل عنها العلّامة الحلّي فتحيّر في تحقيق طريقة قدمائنا ووقع في حيص وبيص حتّى نسب إليهم أنّهم كانوا يعتمدون في عقائدهم أيضا على مجرّد خبر الواحد الظنّي العدالة [٤]. هكذا ينبغي أن تحقّق هذه المباحث. والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب ، وذلك فضل الله يؤتيه من
[١] عدّة الاصول ١ : ١٣٤ ، ١٥٢. [٢] الكافي ١ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ، ح ١. [٣] في هامش ط ما يلي : وغفل عنها المتأخّرون فتحيّروا في تحقيق طريقة قدمائنا ووقعوا في حيص وبيص حتّى نسب العلّامة الحلّي إليهم ( خ ل ). [٤] نهاية الوصول ( مخطوط ) : ١٤٧.