و لقد رأينا: أن التنافس القبلي بين الأوس و الخزرج، حينما وظف في خدمة الإسلام و المسلمين آتى ثمارا خيرة. فكان قتل الخزرج لأبي رافع واحدة من تلك الثمار، و كان هو النتيجة البناءة الطبيعية لهذا التنافس، الذي سعى النبي «صلى اللّه عليه و آله» إلى تغيير منطلقاته، و أهدافه، لتكون في خدمة الدين و الحق و الخير للإنسان، الفرد و الجماعة على حد سواء.
ز: جهل و غرور ابن الأشرف:
إن غرور كعب بن الأشرف، و اعتداده الزائد بنفسه، حتى ليقول لزوجته عن أبي نائلة: إنه لو وجده نائما لما أيقظه، و الأهم من ذلك جهله بالتغيير الجذري الذي يحدثه الإسلام في نفس و في شخصية الإنسان، هو الذي أوقعه في الفخ الذي نصبه له أولئك المجاهدون البواسل، الذين نذروا أنفسهم لخدمة دينهم الحق.
و لو أنه كان قد أدرك ما كان حويصة قد أدركه في أخيه محيصة، و عاش الواقع الحي الذي يواجهه، و حاول أن يتفاعل معه، و تخلى عن عنجهيته و غروره، لما كان ينبغي أن يسبقه حويصة إلى التشرف بالإسلام.