نام کتاب : الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله نویسنده : العاملي، السيد جعفر مرتضى جلد : 8 صفحه : 208
فإذا كانت علاقته بماله، أو بأبيه، أو بولده سوف تفصله عن هدفه، أو تفرض عليه موقفا يتناقض معه، أو يعيق عن الوصول إليه، فلا بد من رفض تلك العلاقة و تدميرها؛ لأن الإبقاء عليها إنما يعني تدمير الإنسانية، و الخروج عنها إلى ما هو أحط من الحيوان.
و هذا هو ما أشار إليه تعالى في قوله عمن اتخذ إلهه هواه [1]: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاّٰ كَالْأَنْعٰامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [2].
إذا، فلا جامع و لا قدر مشترك بين الإنسان المسلم الذي يعتبر نفسه إنسانا، بكل ما لهذه الكلمة من معنى، و يتصرف على هذا الأساس؛ و بين غيره ممن رضي لنفسه أن يكون أضل من الأنعام، و يتصرف على هذا الأساس، و مجرد وجود علاقة نسبية بينهما لا يبرر تخلي هذا عن إنسانيته في سبيل إرضاء ذاك.
و أما إذا كانت مواقف ذلك الإنسان المنحرف و تصرفاته تساهم في تدمير الإنسانية أينما كانت، و حيثما وجدت، و القضاء على خصائصها و منجزاتها، سواء على صعيد الفرد أو المجتمع، أو حتى الأجيال القادمة.
فإن من الطبيعي أن نرى ذلك الولد الإنسان: يهتم بالقضاء على هذا الوالد، و يعمل في هذا السبيل بصدق، و بجدية، و إلا فإنه سيتضح لنا: أن إنسانيته لم تكتمل بعد، أو على الأقل: إن وعيه الإنساني يحتاج إلى تعميق و تركيز. كما أن العاطفة التي تعتبر الوقود الذي يفجر طاقات الإنسان في
[1] راجع بحث العصمة في فصل بحوث تسبق السيرة بعد غزوة بدر.