هذا إذا كان المقصود أنه سوف يكفيه أولئك الذين صدر منهم فعل الاستهزاء.
أما إذا كان المراد: من سوف يصدر منهم هذا الأمر، فإن الآية لا تكون ناظرة إلى ما سبق كما هو ظاهر لا يخفى.
و قد بين اللّه تعالى له: خطة العمل المستقبلية، فأمره أن يأخذ بالصفح الجميل، و بالإعراض عن المشركين، و أن لا يحزن عليهم، و لا يضيق صدره بما يقولون؛ فإن جزاءهم على اللّه المطلع على كل صغيرة و كبيرة.
فامتثل النبي «صلى اللّه عليه و آله» أمر اللّه، و أظهر دعوته، و طلب من الناس جميعا: أن يسلموا لربهم.
و يقولون: إنه قام على الحجر، فقال: يا معشر قريش، يا معشر العرب أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه، و أني رسول اللّه، و آمركم بخلع الأنداد و الأصنام؛ فأجيبوني تملكون بها العرب، و تدين لكم العجم، و تكونون ملوكا في الجنة، فاستهزؤوا به، و قالوا: جن محمد بن عبد اللّه، و لم يجسروا عليه لموضع أبي طالب [2].
و جاء أيضا: أنه «صلى اللّه عليه و آله» قام على الصفا، و نادى قريشا؛ فاجتمعوا له، فقال لهم: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا في سفح هذا الجبل قد طلعت عليكم، أكنتم مصدقيّ؛ قالوا: نعم، أنت عندنا غير متهم، و ما