نام کتاب : الرسائل الأحمديّة نویسنده : الشيخ أحمد آل طعّان جلد : 1 صفحه : 200
السماء ، كما نطق به القرآن كقوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ )[١] ، وقوله تعالى ( وَأَنْزَلْنا مِنَ
السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الْأَرْضِ )[٢] ، بمعونة تفسيرها في الأخبار بالأنهار والعيون والآبار [٣] ، وقوله تعالى
( هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ )[٤] هو أنّ علّة تطهير المياه الأرضيّة السفليّة نزولُ
أصلها من المادّة السماويّة العلويّة ، وأنّ الطهارة والطهوريّة الثابتتين لذات
الماء الجاري صفتان تابعتان للصفتين الذاتيّتين الثابتتين للمادّة المسلوكة في
المنبع والمقرّ.
فالأصل فيهما
حينئذٍ هو ماءُ المطر ، وأنّ ما سواه فرعٌ عليه وإنْ تكثّر ، فينبغي جعلُ تشبيهه
بالجاري من عكس التشبيه ، وأنّ الحقّ تشبيهُ الجاري به لما مرّ ، وإنما عكس نظراً
لإفهام العوام وتقريباً للمتعارف بين الأنام.
وحيث إنّ
اعتصام المياه المطهّرة وعصمتها لغيرها إنّما هي بالمادّة ، فتختلف أحكامُها
باختلافها كمّاً وكيفاً ، كما في تعليل طهارة ماء الحمّام بأنّ له مادّة [٥] ، وكذا في ماء
البئر [٦] ، وبها استدلّ على أنّ قليل النابع كالكثير.
وحيث إنّه لا
مادّة أقوى من مادّة اتّصال ماء المطر بالسحاب المسخّر لذلك من ربّ الأرباب ، ولا
كثرة أكثر ممّا اتّصل سيلانه من مسافة السماء إلى الأرض ، فلا فرق في النازل بين
الغزير والنزير ، ولا في النزول بين التواتر والتقطير.
ولعلّ هذا هو
السّر في تعليق تطهيره على الجريان بالمعنى الذي ذكرناه في أوّل العنوان ، وعلى
أنّ ما أصابه من الماء أكثر منه ، فإنّ ظاهره تنزيل نزوله من المادة السماويّة
بمعنى سيلانه منها وإنْ لم يجرِ على المساحة الأرضيّة منزلةَ الكثرة المعتبرة في
تطهير المياه الأرضيّة.