نام کتاب : الرسائل الأحمديّة نویسنده : الشيخ أحمد آل طعّان جلد : 1 صفحه : 130
الْقُرْآنَ
)[١] ، وقوله سبحانه ( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ
اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ )[٢] و ( قُلِ ادْعُوا اللهَ
أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ )[٣] لا يدلّ عليها ، لما عرفت ، إذ قصاراها إفادة الاختصاص
، ولات حين مناص ، مع إمكان ابتنائها على حذف الموصوف وإقامة الصفة فيها ، كقوله
تعالى ( أَنِ اعْمَلْ
سابِغاتٍ )[٤] و ( أَرْسَلْنا رُسُلَنا
بِالْبَيِّناتِ )[٥] وغيرهما من الآيات.
وكأنّ وجه
الاختصاص بعد النصّ والإجماع أنّ معناه المنعم الحقيقي ، البالغ في الرحمة أقصاها
، ومفيض جميع النعم أعلاها ، وأخلاها ، وأهناها ، وأسناها ، تفضّلاً منه وإحساناً
، وتطوّلاً وامتناناً ، لا على وجه الاستحقاق لما يسبغه من أنواع الأرزاق. ولا
يصلح لهذه الأوصاف إلّا الخالق الرزّاق على وجه العموم والإطلاق ؛ لأنّ ما سواه
تعالى إنّما يطلب بإحسانه ؛ إمّا ثواباً أُخرويّا ، أو ثناءً دنيويّاً ، أو إزالة
خساسة البخل ، أو غير ذلك من الأغراض والأخلاق ، مع أنَّ ذات المنعم والنعَم
والتمكين من إيصالها وإقداره على تحصيلها من جملة نعمه الجزيلة وأياديه الجميلة.
إلّا إنّ هذا
التوجيه موقوف على كون هذه اللفظة بهذه المعاني عند أهل اللغة ، وليس كذلك ،
اللهمّ إلّا أن يثبت كون معناها في العرف ذلك ، كما هو صريح بعض وظاهر آخرين من
العلماء المحقّقين [٦].
وجه تقديم الرحمن على الرحيم
فإنْ
قيل : إنّ القاعدة
في المدح إنّما هي الانتقال من الأدنى إلى الأعلى ، كما يقال : عالم نحرير ، وناقد
خبير ، وعالم حليم ، فلِمَ قدّم الرحمن على الرحيم؟
قلتُ
: ذلك إمّا من
قبيل التتميم فإنّه لمّا دلّ على جلائل النعم وأُصولها ذكر الرحيم ليتناول ما خرج
منها ، وهو باب سائغ مطلوب وشائع محبوب ، أو أنّ ذلك إنّما يجب فيما إذا كان
الأعلى يدلّ على الأدنى بإحدى الثلاث ؛ لئلّا يلغو ذكر الأدنى لدلالة