وهو الذي نعتقده في
خصوص آية التبليغ ، وبيان ذلك إنّ الوعيد والانذار الموجه إلى النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم
بقوله تعالى : ( وَإِن لَّمْ
تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ )
ظاهره الوعيد والانذار وحقيقته معاتبة الحبيب لحبيبه على تريثه بخصوص الولاية ، وليس المقصود من الآية تهاون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
في أمر الدين أو عدم الاكتراث بشأن الوحي وكتمانه ، فحاشا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
من ذلك ولا يقول هذا إلّا زنديق أو جاهل.
نعم ، آية التبليغ تدل على تريث النبي
الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم
بعض التريث لجسامة التبليغ الذي جعله الله تعالى موازياً لثقل الرسالة كلّها ، ريثما يتم له صلىاللهعليهوآلهوسلم
تدبير الأمر بتهيئة مستلزماته ، كجمع حشود الصحابة الذين رجعوا من حجة
الوداع وكانوا يزيدون على مائة ألف صحابي ، مع تمهيد السبيل أمام هذه
الحشود الكثيرة لكي تقبل مثل هذا التبليغ الخطير ، خصوصاً وإنّ فيهم
الموتورين بسيف صاحب الولاية أمير المؤمنين عليهالسلام
، فضلاً عن المنافقين ، والذين في نفوسهم مرض والأعراب الذين أسلموا ولمّا
يدخل الإيمان في قلوبهم ، ولا شكّ أن وجود تلك الأصناف في مكان واحد مدعاة
للخشية على حاضر ذلك التبليغ ومستقبله.
فالتريث أو سمِّه التقيّة إن شئت لم يكن
خوفاً على النفس من القتل ، بل كان تقية لأجل التبليغ نفسه والحرص على كيفية أدائه بالوجه الأتم ، إذ تفرّس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
في وجوه تلك الأصناف من الصحابة مخالفته ، فأخّر التبليغ إلى حين ، ليجد له
ظرفاً صالحاً وجواً آمناً تنجح فيه دعوته ولايخيب مسعاه ، فأخذ صلىاللهعليهوآلهوسلم
يعدّ للاَمر أُهبته ، ومنها طلب الرعاية الالهية لنصرة هذا التبليغ نفسه من تلك الجراثيم المحدقة ، كما يدل عليه قوله