ومما يدل على وجود تلك الخشية جملة من
الأخبار المروية في كتب العامّة أنفسهم.
ما رواه العامّة من تقية النبي صلىاللهعليهوآله لأجل التبليغ خشية من الصحابة :
أخرج الحاكم الحسكاني الحنفي في شواهد
التنزيل ، بسنده عن ابن عباس وجابر بن عبدالله الأنصاري ، أنهما قالا : (أمر الله محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم
أن يُنَصِّب عليّاً للناس ليخبرهم بولايته ، فتخوّف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
أن يقولوا : حابا ابن عمه ، وأن يطعنوا في ذلك عليه ، فأوحى الله إليه : (
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ )
الآية ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
بولايته يوم غدير خم) [١].
وأخرج بسنده عن أبي هريرة : (إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
أسرَّ أمر الولاية ، فأنزل الله تعالى : «يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ» [٢]
).
وأخرج بسنده عن ابن عباس هذا المعنى
قائلاً : (فكره أن يحدّث الناس بشيء منها ـ أي : الولاية ـ إذ كانوا حديثي عهد
بالجاهلية ...
حتى كان يوم الثامن عشر أنزل الله عليه
: ( يَا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ )
إلى أن قال فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
من الغد فقال : «
يا أيُّها الناس إنّ الله أرسلني إليكم برسالة وإنّي ضقت بها ذرعاً مخافة
أن تتهموني وتكذّبوني حتى عاتبني ربي فيها بوعيد أنزله عليَّ بعد وعيد ، ثم
أخذ بيد عليٍّ فرفعها حتى رأى الناس بياض إبطيهما ثم قال : أيُّها الناس ،
الله مولاي وأنا مولاكم ، فمن
[١]
شواهد التنزيل / الحسكاني الحنفي ١ : ٢٥٥ / ٢٤٩ في الشاهد رقم ٣٥ ، وأورده الآلوسي
في روح المعاني عند تفسيره للآية ٦٧ من سورة المائدة ، فراجع.