لكن الكلام في تصور مفهوم اجتماعهما لا في واقع اجتماعهما ، وحينئذ نقول : إن كان المراد تصور مفهوم الاجتماع طارئا على الوجود والعدم الخارجيين فذلك لا ينبغي الاشكال في إمكانه ، فإنّ باب التصور واسع ، فلا مانع من أن تتصور اجتماع قيام زيد في الخارج وعدمه في الخارج ، ويكون تصور هذا المفهوم أعني مفهوم الاجتماع حاكيا عن واقع غير واقع بل هو محال ، فإنّ تصوّر المحال ليس بمحال ، ولا يتوقف ذلك على أن يتصور الاجتماع بين زيد وعمرو ثم يتصور وجود القيام ويتصور عدمه في الخارج ، ثم يضيف مفهوم الاجتماع الذي تصوره بين زيد وعمرو إلى القيام وعدمه ، بل إنّ ذلك محال ، لأن ذلك المفهوم الموجود في ذهنه من اقتران زيد وعمرو لا يعقل أن يطرأ على القيام وعدمه ، بل هو وجود آخر في الذهن لمفهوم الاجتماع. ولو سلّمنا معقوليته عاد محذور اجتماع القيام وعدمه في الذهن ، فلاحظ وتدبر.
ومن ذلك كله يظهر لك التأمل فيما نقله عن الشيخ الرئيس [١] من أنّه كما يمتنع الممتنعات بحسب الوجود الخارجي كذلك بحسب الوجود الذهني أيضا [٢] لما عرفت من أن الامتناع في الخارج لا يوجب الامتناع في الذهن.
وإن كان المراد تصور مفهوم الاجتماع طارئا على الوجود والعدم الذهنيين ، بمعنى أن وجود زيد في الذهن مناقض لعدمه فيه ، ونحن نتصور الاجتماع الطارئ على هذين النقيضين ، فالظاهر أنه لا مانع منه ، إذ لا مانع من تصور هذا الاجتماع الطارئ على المتناقضين ذهنا ، فانّ تصور اجتماع
[١] [ لم نعثر عليه في مظانّه ]. [٢] أجود التقريرات ١ : ٣١.