وعلى هذا البيان يمكن إرجاع كثير من
المجاز في الاسناد إلى المجاز في الكلمة ، فقوله سبحانه حاكياً عن إخوة يوسف : (وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ الّتي كُنّا فِيها
وَالعِيرَ الّتي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُون)[١] فالمشهور انّه من قبيل المجاز في
الاسناد بتقدير أهل القرية ، نظير قول الفرزدق في مدح زين العابدين عليهالسلام :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
فالمعروف انّه من قبيل المجاز في
الاسناد أي يعرف أهل البطحاء وطأته ، ولكن الحقّ انّ الجميع من قبيل المجاز في
الكلمة ، لأنّه بصدد المبالغة أنّ الأمر من الوضوح وصل إلى حدّ حتى أنّ جدران
القرية مطّلعة على هذا الأمر ، وانّ البطحاء تعرف وطأة الإمام فضلاً عن أهلها.
وبذلك يظهر انّ صحّة الاستعمالات
المجازية تستند إلى الوضع ، لأنّه من قبيل استعمال اللفظ فيما وضع له ، ولكن حسنه
يستند إلى الطبع والذوق.
وبعبارة أُخرى : المصحح هو الوضع منضماً
إلى حسن الطبع.