الظاهر أنّ كلّ ما أتى به من العبادات
يُعد أمراً صحيحاً ، وإن كان يجب عليه تطبيق العمل ـ في المستقبل ـ على قول
المجتهد الثاني ، فما صدر منه من الأفعال وكان صحيحاً حسب الحجّة الأُولى يحكم
عليها بالصحة حتّى بعد تقليد المجتهد الثاني لوجوه :
الأوّل
: أنّ الحجة الثانية تُسقط الحجة السابقة عن الاعتبار في المستقبل مع بقائها على
وصف الحجّية بالنسبة إلى ما سبق ، لا أنّ الحجّة الثانية تكشف عن عدم حجّية
السابقة في ظرفها ، فالأُولى حجّة فيما سبق حتى الآن ، وإن كانت الحجّة الثانية
تسقط الأُولى عن الحجّية فيما يأتي من الزمان ، وعلى ذلك فالأعمال التي أتى بها
حسب الحجة الأُولى محكومة بالصحّة حتى بعد قيام الحجة الثانية ، لما عرفت من أنّها
لا تكشف عن عدم الحجّية فيما مضى وإنّما تسقطها عن الحجّية فيما يأتي. وذلك لأنّ
الحجّة الثانية ليست وحياً إلهياً كاشفاً عن بطلان الأُولى ، بل هي اجتهاد
كالاجتهاد الأوّل وإن كان المتعيّن الرجوع إليها فمقتضى الجمع بين الحجتين كون كلّ
حجّة بالنحو المذكور.
الثاني
: التمسك بالملازمة العرفية ، فانّ الشارع إذا أمر بمركب كالصلاة والحجّ ثمّ جعل
فتوى المفتي حجّة في تشخيص الواجب عن غيره ، فمعنى ذلك أنّه اكتفى في أغراضه بما
أدّت إليه فتوى ذلك المجتهد على التفصيل الذي عرفت فاقتضت المصلحةُ التسهيلية
إضفاءَ الاعتبار على قوله مطلقاً حتّى فيما خالف الواقع.
الثالث
: انّ الفتوى الأُولى كانت حجّة في الأعمال السابقة ، ونشك في سقوط حجّيتها
بالنسبة إلى ما مضى ، فيحكم ببقائها بالنسبة إلى ما مضى ، وأمّا